
الدكروري يكتب عن الكسل الروحي عند الإنسان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله، فإنه لا بد أن تؤكد التربية الإسلامية الشاملة على أن الأخلاق السليمة هي أساس تماسك الأمة وصلاح أمرها، وهي الطريق إلى تحقيق نهضة الأمة والوصول إلى غاياتها ولذلك فإن التفوق الحقيقي للأمة الإسلامية على الأمم الجاهلية من حولها، هو تفوقها الأخلاقي والاجتماعي، قبل أن يكون هو التفوق العسكري أو المادي، ومن ثم فلا بد أن نوقن أننا حين نعيش بالأخلاق الإسلامية، فإننا نعد أنفسنا الإعداد الحقيقي للقيام بدور أمتنا المرتقب في قيادة البشرية، كما لا بد للتربية الإسلامية أن تربى الأمة على أن التزام المسلم بالأخلاق الإسلامية إنما ينبع من التزامه بما يحبه الله ويرضاه، والتزامه بما يحبه الله ويرضاه إنما ينبع من تصور المسلم لحقيقة الألوهية.
ومن ثم فالأخلاق في الإسلام قائمة على قاعدة العبادة لله، وهي في ذات الوقت قيم حضارية أصيلة لأنها ذات صبغة إنسانية غير محصورة في جنس ولا لون إنما هي صادرة من الإنسان بوصفه إنسانا مؤمنا، وموجهة إلى الإنسان حتى ولو لم يكن مؤمنا بما يؤمن به المسلمون، ولذلك فإن الحركة الإسلامية التي تعمل على التغيير هي حركة إنسانية تحكم سيرها الأخلاق الإسلامية التي تتعامل مع الواقع ومع قيمة الإنسان من جهة أخرى، ومن ثم فإنها ترفض الغدر، وترفض نقض الميثاق، وترفض كل ما يخالف الاستقامة على الأخلاق الإسلامية التي تدفع الأمة إلى الأمام، وتجعلها جديرة بجمل رسالة لكل البشرية، ولقد حذر الإسلام من الكسل، فإياكم والكسل، والكسل أخطر أنواعه هو الكسل الروحي.
وهذا يصيب طائفة كبيرة جدا من المسلمين شبابا ورجالا وشيبا وأطفالا، والتكاسل عن الأمور الشرعية، والتكاسل عن العبادات لاسيما العبادة اليومية الصلاة، والصلاة لها خصوصيات، فالحج في السنة مرة، والصوم الواجب هو صوم رمضان، والزكاة إذا حال الحول وبلغت الأموال النصاب، أما الصلاة فكل يوم خمسين مرة خففها الله سبحانه وتعالى إلى خمس، فلا مجال لمقارنة الصلاة بغيرها، لذا فإن من أعظم ما يصاب به الإنسان من فوات الخير أن يكسل في أمور دينه، وإذا أردت أن تقيِّم أحدا فابدأ بالصلاة، فإذا تقدم إنسان ليتزوج، فإن أول ما تسأل عنه هو أنه هل يصلي أم لا يصلي؟ فإذا كان يصلي فهل يصلي في المسجد أم لا؟ وهذا سؤال كل الناس يسألونه، حتى إن بعض الآباء لا يصلون في المسجد.
لكن إذا تقدم لإبنته رجل يصلي في المسجد اطمأن قلبه أكثر، وهو بنفسه لا يصلي في المسجد لأنه يعلم في قرارة نفسه أن الاتصال بالله ضمانة، وإن من الأخلاق التي لا بد أن تتربى عليها الأمة هو خُلق الصبر، ذلك أن الصبر يضبط انفعالات الفرد فيتحرك بهدوء، ويفكر بهدوء، ويتحمل الآلام التي تقتضيها طبيعة المعركة مع أعداء الله، فالمسلم يصبر وهو يحارب، ويصبر وهو يسالم، ويصبر قبل العمل، ويصبر أثناء العمل، يصبر ويتروى للدراسة والتحقيق، وليس للخوف والتردد، فقال الله عز وجل كما جاء في سورة آل عمران ” يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون”