الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر يكتب النجم السعودى العالمي فوزي المتعب… سلالة ما بتنقرض
في زمن صار فيه التقليد هوّي العنوان، والصوت العالي هوّي الوسيلة، والموهبة الحقيقية عم تضيع بين أضواء مزيفة وصيحات بلا معنى، بيطلع اسم واحد متل فوزي المتعب ليكسر هالقاعدة، ويصرخ بصمته، ويعلن وجوده الراسخ بدون ما يحتاج يصيح ولا يروّج، فوزي المتعب… مش بس نجم، هوّي حالة فنية نادرة، حالة بتخليك تترحّم على زمن مضى، وبتآمن من جديد إنو في شي بعده نقي بهالدنيا، في فن بعدو بخجل يطلّ إلا بصدق، في نجم بعده بيفهم معنى المسؤولية، وبيعرف إنو الكاميرا مش لعبة، بل مرآة، ومرآة فوزي ما بتكذّب، لأنها عاكسة رجل من سلالة الفن الأصيل، من زمن النبلاء.
فوزي المتعب ما بينقارن، وما بينقاس، لأنو من أول ما بيظهر عالشاشة، بتشعر إنك قدام شريط ذكريات، بتفاصيلو، بتفاصيلو، بنظرتو، بصوتو، بحركتو، بكل حركة إيد أو التواء حاجب… كأنك راجع تسعينات، راجع تشوف نجم من النجوم يلّي كبرنا على تمثيلن، بس الفرق إنو فوزي من هالجيل، وعايش بيناتنا، وهوّي الدليل إنو زمن الدهشة ما مات، بس صار نادر، متل عملة ذهبية قديمة لازم تنحط بإطار، وتنحفظ من الغبار ومن الزمن القاسي. في زمن اختفى فيه الفن النظيف، فوزي هوّي المناديل البيضاء يلّي بعدو بيغلف فيها كل دور، هوّي السهل الممتنع، يلّي بيختار بحذر، وبيشتغل بدقّة، وبيعيش كل شخصية كأنها حياته.
فوزي ما بيقدّم مشهد، هوّي بيقدّم حالو كل مرة، بكل مرة، بشخص جديد بس بنفس القلب، بنفس الصدق، بنفس الرجولة. ومش لأنو بيعرف يمثل، بل لأنو عايش الفن، مش مستعير منو، ومش عم يتجمّل فيه. حضور فوزي مش بهيبته بس، ولا بنظراته، ولا بصوته، الحضور بيجي من روحو، من شخصية ورا الكاميرا قبل قدّاما، من طريقة كلامو، من احترامه لجمهورو، ومن التزامه برقيّ الأداء، ومن طريقة بيعامل الدور كأنو عهد بينو وبين الشاشة، إنو ما يقدّم شي إلا إذا بيشبه ضمير المشاهد.
ولو رجعنا لأيام الأبيض والأسود، فوزي المتعب كان رح يكون بين النجوم الكبار، ولو عشنا التسعينات، كان رح يكون الممثل يلّي بتطلب من أهلك يفيقوك من النوم تحضرو، ولو نحكي عن اليوم، فهوّي الاسم القليل يلّي بتتمنى ما يغيب، الاسم يلّي بيخلّي عندك سبب تتفرج على الدراما مش لأنو في ضجة، بل لأنو في فوزي… ووجودو بيكفي.
ببساطة، فوزي المتعب بيستاهل السجادة الحمرا مش لأنو ظهر، بل لأنو حضر بكل معنى الحضور، ولأنو بيستاهل أوسكار مش كرمى تمثيل بس، بل كرمى التميّز، كرمى الأصالة، كرمى الثبات على المبدأ، كرمى النجومية الهادية يلّي عم تلمع من دون ما تتكلّف. هوّي سلالة لازم نحافظ عليها، نحميها، نحتفل فيها، ندرّسها حتى، مش لأنو ظاهرة، بل لأنو بيذكّرنا باللي نسيناه، بيخلينا نشتاق للي راح، ويقولنا: لا تخافوا، بعد في فن… بعد في فوزي المتعب.
هوّي مش ترند، هوّي تاريخ، هوّي توقيع على صفحة الفن العربي، توقيع ما بينمحي، ولا بينتسا، وكل عمل جديد بيضيف سطر، وكل مشهد جديد بيرفع سقف، وكل نظرة منو بتقول: أنا هون… ومش رح كون غير هيك، مش رح ساير، مش رح أتجمّل، مش رح أعتمد على وميض، أنا نجم من الداخل، من الجوهر، من الروح… وأنا باقٍ.