مرت السنون ثقيلة كأنها دهر ، وتعاقبت الفصول على القلب وكأنها مواسم من الحنين المتجدد … كانت العيون تسافر كل مساء نحو الغرب ، حيث تغرب شمس الوطن وتحمل معها أمنية … أن يعود.
ها قد عاد إبني- محمد عزيز غني- وكأن الأرض تنفّست ، وكأن السماء رقّت ، وكأن قلبي وجد إيقاعه المفقود منذ سنين.
يعود إبني وقرة عيني وتاج رأسي إلى أرض الوطن بمشيئة الله تعالى مساء اليوم السبت 14 جوان 2024 من ألمانيا 🇩🇪 وبالتحديد من مدينة ” منشن ” … بعد أن طاف في عوالم الغربة ، ونهل من بحور العلم ، وعانق صباحات ميونيخ الباردة ، وعاش لياليها الصامتة.
عاد قرة عيني وفلذة كبدي وسندي الوحيد ، يحمل في عينيه نضج الرجال ، وفي خطواته حكاية من تعبٍ ونجاح.
لم يعد ذلك الطفل الذي ودّعته على بوابة المطار منذ سنة ونصف ، بل عاد رجلًا يختزن في قلبه قصص الغربة ، ويخبئ في روحه الشوق الموجع.
“عودة الإبن الضال”، هكذا يسميها التراث ، وهكذا شعرت بها … لكنّه لم يكن ضالًا يومًا ، بل كان باحثًا عن ذاته ، عن حلمه ، عن مكان له تحت شمس هذا العالم الواسع.
في غيابه ، كان البيت ناقصًا ، لا تكتمل فيه الضحكة ، ولا يستقيم فيه الصمت … كانت غرفته تنتظره كل مساء ، وكان صدى صوته ما يزال يسكن جدرانها.
واليوم ، حين عاد عادت الأرواح إلى أماكنها ، وإستعادت الحياة نكهتها الأولى.
أهلاً بك يا ولدي …
يا من حملت إسمنا إلى بلاد بعيدة ، ورفعت رأسنا بعلمك وخلقك. عدت يا عويز ، فعدنا وعاد الأمان.
نابل اليوم غير نابل الأمس … لكن حبها لك لم يتغير ، وقلبي أنا
لا يزال ذاك القلب الذي ودّعك بدمعة ويستقبلك الآن بنبض جديد.
قد تكبر المدن ، وتكثر الشهادات وتتسع المدارك … لكن لا شيء يعدل لحظة عناق على تراب الوطن ، ولا شيء يعادل دفء العائلة حين تكتمل.
حمداً لله على السلامة يا قطعة من قلبي يا من غبت ولم تغب ، يا إبن قلبي وروحي.