يروي عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال استسلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرا فجاءته إبل الصدقة، قال أبو رافع فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن أقضي الرجل بكره، فقمت، فلم أجد في الإبل إلا جمالا خيارا رباعيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أعطه إياه، فإن خيار المسلمين أحسنهم قضاء ” وعن أبي رافع، قال لما ولدت السيدة فاطمة حسنا رضي الله عنهما، قالت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أعق عن ابني ؟ فقال صلى الله عليه وسلم ” لا ، ولكن احلقي رأسه وتصدقي بوزن شعره ورقا” أى فضه أو قال فضة، على المساكين ” فلما ولدت حسينا فعلت به مثل ذلك، وإن المسلم الحق يعلم أن لله في ماله حقا، فيخرج زكاة ماله.
ويتصدق بعد ذلك ليسد حاجات الفقراء والمحتاجين، ويواسي المنكوبين والمصابين، ويغيث الملهوفين ألا يكفي المسلم حرصا على الصدقة والإنفاق في وجوه الخير أن يعلم أن الصدقة مغفرة للذنوب، ومحق للسيئات، وزيادة وبركة للعمر؟ وأن البخل والشح إنما هو طاعة للشيطان وأتباعه؟ ألا يدفع المسلم للصدقة أن يعلم أن صدقته تدفع عنه المصائب، وتقيه مصارع السوء؟ فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم “صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر” فألا فلنبادر إلى إخراج الزكاة الواجبة، ونتبعها بصدقات التطوع، وليجتهد المسلم في أن تصل زكاة ماله وصدقته إلى من يستحقها، فيبحث عن المحتاجين من أقربائه ومعارفه وزملائه.
ممن تحل لهم الزكاة فيعطيهم إياها لتكون صلة وصدقة، يتفقد جيرانه المحتاجين، وخصوصاً المتعففين الذين لا يسألون الناس إلحافا، وتصور ما ستنال من أجر وثواب يوم تدخل السرور على أسرة منكوبة فتواسي آلامها، وتخفف متاعبها وكم سترفع لك من دعوة يوم تفرج كرب مكروب، وتدخل البهجة على قلب يتيم محروم، حقا فإن الصدقة متى ما وضعت في محلها الشرعي كان لها من الآثار الحسنة ما لا يخطر على البال، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا جميعا من أهل المعروف في الدنيا والآخرة، وأن يبارك لنا في أعمارنا وذريتنا وأموالنا وأعمالنا، إنه على كل شيء قدير، فإن الصدقة باب عظيم من أبواب الخير العميم والفضل العظيم فبها شفاء المرض، ودفع البلاء، وتزكية الأموال.
وزيادة في الرزق بإذن الله وقد دل على فضلها النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهناك حقائق ناصعة البياض عن آثار الصدقة، فقال ابن القيم رحمه الله ” فإن للصدقة تأثيرا عجيبا في دفع أنواع البلاء، ولو كانت من فاجر أو مِن ظالم بل من كافر، فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاء وهذا أمر معلوم عند الناس، خاصتهم وعامتهم، وأهل الأرض كلهم مُقرون به لأنهم جرّبوه” وفي كتاب وثائق عائلية من بريدة، من مقتنيات الوالد إبراهيم بن سليمان العمرى رحمه الله، إعداد ودراسة الأستاذ الدكتور عبدالعزيز العُمرى، فيقول وأذكر أنه في أحد أمراض الوالد التى دخل فيها المستشفى صعبت حالته فأدخله الطبيب للعناية المركزة، وقطع عنه الزيارة، فمر عليّ أحد الأقارب.
وقال يا عبدالعزيز، داووا أبوكم، فغضبت منه، وقلت نحن في أحسن مستشفى خاص، ونحضر الأطباء من المستشفيات كافة لمتابعة حالته، قال أقصد قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ” داوو مرضاكم بالصدقة” فشكرته، وعملت مع بقية الإخوة بنصيحته وبعد أيام قلائل عاد لعافيته بحمد الله فقال لي طبيبه أبو عاصم، شو عاملين؟ فذكرت له الصدقة، فقال متعجبا سبحان الله حينما أنزلت الوالد للعناية المركزة كانت لدى مؤشرات وفاة ووداع لا رجعة فيها ناتجة من قياس كريات الدم البيضاء.