نسائم الايمان ومع أركان الإسلام ” الجزء الرابع عشر “

نسائم الايمان ومع أركان الإسلام ” الجزء الرابع عشر ”
ونكمل الجزء الرابع عشر مع أركان الإسلام، وتوقفنا مع معنى قول أشهد أن لا إله إلا الله، أي أعتقد بقلبي وأقر بلساني وأبرهن بجوارحي أن لا معبود بحق إلا الله تعالى، فمعنى إله أي معبود، فيكون المعنى لا معبود بحق إلا الله، فكما نرى المعبودات كثيرة، فقد عُبد القمر والشمس وألهت الكواكب، بل نجد في بلد كالهند آلاف المعبودات، كلها ألهت بالباطل، إلا الله سبحانه وتعالى هو الذي عُبد بالحق وحده لا شريك له، لأنه هو الخالق الرزاق المالك المدبر لشؤون خلقه، حيث قال سبحانه وتعالى “ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يعبدون من دونه الباطل وأن الله هو العلى الكبير” وتشتمل لا إله إلا الله على ركنين، فالركن الأول هو نفي استحقاق العبادة عن غير الله عز وجل.
وهو مُضمّن في “لا إله” والركن الثاني هو إثبات استحقاق العبادة لله وهو مُضمّن في “إلا الله” ولا يمكن أن يحقّق العبد لا إله إلا الله حتى يستوفي سبعة شروط وهي العلم واليقين والصدق والإخلاص والمحبة والقبول والانقياد، فالشرط الأول وهو العلم بلا إله إلا الله وهو إدراك معنى لا إله إلاّ الله بدليله، فالإنسان لا يمكن أن يعمل بشيء ويطبقه في حياته حتى يعلمه، فالعلم لازم للعمل، فقال الله تعالى ” فاعلم أنه لا إله إلا الله” وقال النبي صلى الله عليه وسلم “من مات وهو يعلم لا إله إلا الله دخل الجنة” وأما الشرط الثاني وهو اليقين وهو اعتقاد لا إله إلا الله من غير شك، والشرط الثالث وهوالصدق وهو استقامة الظاهر والباطن على توحيد الله سبحانه وتعالى وطاعته.
فقال سبحانه وتعالى “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين” وقال النبي صلى الله عليه وسلم “ما من أحد يشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمدا رسول الله، صدقا من قلبه، إلا حرّمه الله على النار” وإن ضد الصدق النفاق، فهو من أشر الكفر بالله ويعني إبطان الكفر وإظهار الإسلام، حيث قال سبحانه “إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار” وأما الشرط الرابع وهو الإخلاص، وهو الابتغاء بلا إله إلا الله والعمل بها وجه الله تعالى وثوابه دون رياء ولا سمعة، حيث قال الله تعالى ” وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء” وقال سبحانه وتعالى أيضا “قل الله أعبد مخلصا له دينى” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلاّ الله خالصا من قلبه، أو من نفسه ”
وللإخلاص قوادح تفسده، يجب معرفتها واجتنابها، فإن القادح الأول هو الرياء، وهو فعل العبادة أمام الناس ابتغاء ثنائهم وإعجابهم، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم “أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي، قيل ما الشرك الخفي يا رسول الله، قال الرياء” وأما القادح الثاني وهو السمعة، وهي ذكر العبادة والعمل الصالح للناس ابتغاء ثنائهم وإعجابهم، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم “من سمّع سمّع الله به” أي من سمّع في الدنيا أسمع الله الناس عيوبه يوم القيامة، والسمعة أخطر من الرياء، لأن الإنسان قد يفعل عبادة ويُخلص فيها ثم يفسدها بالسمعة بعد سنين، وأما عن الشرط الخامس وهى المحبة، وتعني حب الله تعالى وحب ما يحب وكراهية ما يكره.
ولقد نعت الله عباده المؤمنين بأنهم أشد الناس حبا له، فهم لا يتخذون من دونه أندادا كما يفعل غيرهم، فقال الله تعالى “ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ” وعلامة حب العبد ربه هو تقديم كل ما يحب الله على ما يحبه هو وتميل إليه نفسه، وبغض جميع ما يبغض ربه وإن مالت إليه نفسه، وأما عن الشرط السادس وهو القَبول، ويعني أن نقبل بشهادة “لا إله إلاّ الله” كما هي دون أدنى تردد أو تمنع، ولقد حدثنا الله تعالى في كتابه عن حال الأمم التي استكبرت وردّت كلمة التوحيد متهمة من دعاها إليها بالجنون فقال “إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون، ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصحا “قل آمنت بالله ثم استقم”