فنان مصري يوثق حادث دنشواي الذي فضح حقيقة المستعمر البريطاني
كتبت .. سها البغدادي
تحليل اللوحة: “حادث دنشواي واغتيال بطرس غالي”
🖌️ الفنان والمناسبة
اللوحة من أفكار الصحفية سها البغدادي ومن إبداع الفنان والمخرج بالمركز القومي للسينما أشرف كمال، وهي عمل توثيقي بصري نابض بالحياة يجمع بين أسلوب الكاريكاتير، الفن الشعبي، والتوثيق التاريخي لتقديم مشهد درامي متكامل عن حادثة دنشواي سنة 1906 واغتيال رئيس الوزراء بطرس غالي سنة 1910.
ربط بصري – تاريخي: كيف تحولت اللوحة إلى سجل وطني؟
1. الجزء الأيسر من اللوحة:
نرى بوضوح مصطفى كامل (يرفع يده) رمزًا للغضب الشعبي و ويبعد اللورد كرومر الذي تم عزله وخلفه معالم بريطانيا كدليل على قوة إستبسال الشعب أمام الإستعمار و أمامه مظاهرات الشعب ترفع لافتة “قولوا لعين الشمس ما تحماشي”.
في الأسفل، مجموعة من السياسيين والنشطاء، ومن بينهم على إبراهيم الورداني، وهو يشير بمسدسه ، في دلالة على اتخاذ القرار الحاسم (اغتيال بطرس غالي).
التحليل : يعكس هذا المشهد أثر حادث دنشواي في إشعال مشاعر الغضب الشعبي، ويُظهر مصطفى كامل كأحد رموز المواجهة الوطنية، كما يضع إبراهيم الورداني في موضع الفعل المباشر ردًا على خيانة بطرس غالي.
2. الوسط: مشهد الإعدامات الجماعية
في منتصف اللوحة نجد منصة الإعدام، حيث تظهر أجساد الفلاحين الأربعة معلّقة.
محكمة ميدانية، ضباط الاحتلال البريطاني، جنود على الخيول، وأهالٍ في حالة فزع يشاهدون اعدام وجلد أبناءهم أمام أعينهم
التحليل : يُجسِّد هذا بوضوح تنفيذ الحكم القاسي ضد فلاحين دنشواي، الذين لم يكونوا مجرمين بل ضحايا عدوان سافر. ونرى المحكمة البريطانية بقيادة “بينس”، كأداة قمع لا عدالة.
3. الجانب الأيمن: مجزرة دنشواي وبطرس غالي
مشاهد لحريق ودمار في خلفية قرية دنشواي، وامرأة مصرية تحمل قدرًا (في إشارة للسيدة التي أُصيبت أولًا). ومحاولة انقاذ الفلاح للجندي البريطاني وهو بيسقيه من ماء القلة عند الشجرة وحرق الأجران وإبراج الحمام .
جنود الاحتلال يطلقون النار، ولوحة تحمل اسم “دنشواي”.
التحليل : يشير إلى اللحظة الفاصلة التي تمثل الرد الشعبي العنيف على استبداد السلطة، إذ يتم اغتيال بطرس غالي بسبب:
دوره في حادث دنشواي كوزير عدل سابق.
تمرير تمديد امتياز قناة السويس (رمز الاستعمار الاقتصادي).
4. الرمزية الشعبية: “قولوا لعين الشمس”
تظهر العبارة الشهيرة “قولوا لعين الشمس ما تحماشي” وسط الجماهير، كرمز للأغنية التي تغنّى بها المصريون بعد إعدام الورداني.
الشمس في الخلفية تميل إلى اللون الأحمر، كأنها تُشارك في الجريمة أو تراقبها بصمت.
التحليل : توظيف ذكي للرمز الشعبي في سياق سياسي، إذ ارتبطت الأغنية ببطولة إبراهيم الورداني، وتحولت من أغنية رومانسية إلى شعار سياسي دفين في الوجدان المصري.
الرسالة الفنية والتاريخية
اللوحة تقدم سردًا بصريًا مكثفًا يربط بين الاحتلال والقمع (حادث دنشواي) ونتيجته المنطقية في الانتقام السياسي (اغتيال بطرس غالي)، مع توظيف رائع للرمزية الشعبية.
رسائل متعددة تبرز منها:
تجريم الاحتلال.
تمجيد المقاومة الشعبية.
تصوير الظلم والعدالة المفقودة.
الاحتفاء بالأغنية كأداة نضال.
هذه اللوحة ليست مجرد عمل فني، بل وثيقة بصرية وطنية تعيد إحياء الذاكرة الجمعية للمصريين، وتؤكد على أن الفن أداة مقاومة. دمج الفنان أشرف كمال بين رموز الواقع التاريخي والرمز الشعبي (الشمس، الغزال، الأغنية، المشهدية الجماعية) ليُنتج سردية مصرية خالصة تحاكي ما حدث بين 1906–1910، وتبقى شاهدة على صراع الشعوب ضد الظلم
السرد التاريخي للحدث
حادث دنشواي واحد من أبرز الحوادث التي أثارت الغضب الشعبي في مصر ضد الاحتلال البريطاني، وكشفت للعالم عن قسوة الاستعمار وظلمه، وكان له تأثير عميق في تشكيل الوعي الوطني المصري ولذلك قررنا توثيق الحدث بريشة الفنان أشرف كمال المخرج بالمركز القومي للسينما حيث تستعرض اللوحة تفاصيل حادث دنشواي وتفاصيل حادث قتل بطرس غالي على يد إبراهيم الورداني
أسباب الحادث
في 13 يونيو 1906، حضر عدد من الضباط البريطانيين إلى قرية دنشواي بمحافظة المنوفية من أجل الصيد.
أثناء الصيد، أطلق الضباط النار عشوائيًا، مما أصاب زوجة أحد الفلاحين المصريين كانت تحمل قِدرًا من الطعام، فأصيبت بحالة خطيرة وتوفيت لاحقًا.
تسبب إطلاق النار أيضًا في إشعال حريق في أحد الأجران (أماكن تخزين المحاصيل) مما أثار غضب الأهالي.
اندفع أهالي دنشواي في مشادة مع الضباط، انتهت بمقتل أحد الضباط نتيجة الإجهاد أثناء هروبه في الصحراء.
نتائج الحادث
اعتقلت سلطات الاحتلال البريطاني عددًا من أهالي دنشواي ووجهت لهم تهمة قتل الضابط.
شُكِّلت محكمة عسكرية بريطانية عاجلة، برئاسة الإنجليزي “بينس”.
أصدرت المحكمة أحكامًا قاسية:
إعدام 4 من الفلاحين شنقًا في ميدان القرية.
الأشغال الشاقة المؤبدة والسجن لفترات طويلة للباقين.
تم تنفيذ حكم الإعدام بشكل علني لإرهاب الأهالي.
أثر الحادث على الرأي العام
أثار الحادث موجة غضب واسعة في مصر ضد الاحتلال.
تناولت الصحف المصرية مثل جريدة اللواء (بقيادة مصطفى كامل) تفاصيل الحادث بجرأة.
على الصعيد العالمي:
نددت صحف أوروبا وأمريكا بما فعلته بريطانيا، واعتبرته همجية استعمارية.
استنكر المثقفون والكتاب العالميون الحادث كدليل على استبداد الاحتلال.
أصبح الحادث رمزًا للمظالم الاستعمارية في العالم كله.
موقف المصريين من الحادث
تحول الحادث إلى شرارة لزيادة الوعي الوطني والمطالبة بالاستقلال.
انتفض الزعماء الوطنيون مثل مصطفى كامل الذي قال:
“إن دماء دنشواي لن تذهب هدرًا”
خرجت مظاهرات طلابية وشعبية في القاهرة ومناطق أخرى.
أصبح الحادث علامة تاريخية محفورة في الذاكرة الوطنية المصرية.
حادث دنشواي لم يكن مجرد واقعة محلية، بل كان نقطة تحول في تاريخ الكفاح الوطني المصري، كشف عن الوجه القبيح للاحتلال، ووحّد المصريين خلف مطلب الحرية والاستقلال، كما فضح الاستعمار أمام العالم.
خلفية الموضوع:
اللورد كرومر تم عزله فعليًا سنة 1907 بعد تصاعد الاحتجاجات الوطنية، خاصة بعد حادث دنشواي سنة 1906، الذي فجّر موجة غضب كبيرة في مصر ضد الاحتلال البريطاني. بعد رحيله، تولى جون إلدون غورست منصب المعتمد البريطاني في مصر.
أما عن مد امتياز قناة السويس:
حدث ذلك لاحقًا، تحديدًا سنة 1910 عندما تم التفاوض على مد امتياز شركة قناة السويس لمدة 40 سنة إضافية (كان المفترض ينتهي 1968، فتم مده حتى 2008)، في مقابل مزايا مالية وسياسية لمصر — لكن هذه الخطوة قوبلت بمعارضة وطنية شديدة.
وأما عن علاقة إبراهيم الورداني بمحاولة مد أمتياز قناة السويس، تعالوا نحكي حكايته مع بعض:
إبراهيم الورداني — كان شاب مصري وطني، صيدلي ومثقف، منخرط في الحركة الوطنية اللي قاومت الاحتلال الإنجليزي في أوائل القرن العشرين.
ليه قتل بطرس غالي؟
بطرس غالي باشا (1846–1910) كان رئيس وزراء مصر، واعتُبر من المتعاونين مع الاحتلال البريطاني.
السبب الأساسي لاغتياله هو دوره في تجديد امتياز قناة السويس سنة 1910 — لما وافق على مدّ امتياز القناة لمدة 40 سنة إضافية (من 1968 إلى 2008) لصالح شركة قناة السويس اللي كانت تحت سيطرة أجنبية.
القرار ده أثار سخط وطني كبير جدًا، لأن القناة كانت رمزًا للسيادة المصرية، والشعب كان شايف إن القرار ده خيانة وطنية.
كمان بطرس غالي كان معروف بتشدده مع الوطنيين وقيامه بإصدار أحكام قاسية ضد الثوار، خصوصًا بعد حادث دنشواي 1906 (كان وقتها وزير العدل وساهم في إصدار أحكام الإعدام).
فجاء إبراهيم الورداني شاب وطني منتمي لحزب الأمة
نفّذ عملية الاغتيال يوم 20 فبراير 1910، أمام وزارة الحقانية (العدل)، وأطلق عليه 6 رصاصات فأرداه قتيلًا.
بعدها:
حُكم على إبراهيم الورداني بالإعدام
وأصبح بعدها من رموز النضال الوطني المصري.
بعد إعدام إبراهيم الورداني سنة 1910، حصلت موجة من الغضب والحزن الشعبي، لأنه كان شاب وطني دافع عن كرامة البلد.
وفي الأجواء دي، انتشرت أغنية “قولوا لعين الشمس ما تحماشِ” كرمز وطني — لكن الحقيقة إن الناس غيرت كلماتها لتناسب الحدث.
“قولوا لعين الشمس ما تحماشِ… لحسن غزال البر صابح ماشي”
دي فعلاً كانت تتردد، و”غزال البر” هنا رمز مجازي لإبراهيم الورداني، اللي كان بيُوصف بالشجاعة والشهامة.
معنى كلام الأغنية :
الشمس: رمز الاحتلال البريطاني أو السلطة الغاشمة
غزال البر: الورداني، اللي راح ضحية حبه للوطن
والناس كانت بتستخدم الأغنية دي كوسيلة حزينة واعية يعبروا بيها عن حزنهم وافتخارهم بيه من غير ما يقولوا الكلام بشكل صريح يتعاقبوا عليه.
فأيوه… فيه مصادر تاريخية وشهادات شفوية من الأدب الشعبي بتأكد إن الهتاف ده اتقال فعلاً في التظاهرات بعد استشهاده. والاغنية من ألحان سيد درويش وكلمات محمد يونس القاضي وبعدها غنتها شادية مع تغير بعض الكلمات