نقطة ومن أول السطر،وجهة النظر المصرية الرسمية في التعامل مع قافلة “الصمود
. قلم الخبير الأمنى اللواء خيرت شكرى. متابعة عادل شلبي وجهة النظر المصرية الرسمية في التعامل مع قافلة “الصمود ”، وتداعيات دخولها على الأمن القومي المصري، في ظل وجود رفض شعبي داخل مصر لهذا التحرك التأمري من وجهة نظر غالبية الشعب المصري ؟ .
في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، ووسط ضغوط إنسانية وإعلامية متزايدة، تتعرض مصر لحملة هجوم وتضليل بسبب موقفها الحازم من معبر رفح. وقد تصاعد الجدل مؤخراً بعد إعلان ما يُعرف بـ”قافلة الصمود ” نيتها دخول الأراضي المصرية والضغط لفتح المعبر بالقوة أو من خلال تحركات رمزية.
ترفض مصر ( وهذه ثوابت لا يجوز تجاوزها ) فتح معبر رفح تحت ضغط جماهيري أو إعلامي خارجي، لا سيما في ظل السيطرة الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من المعبر ، فالقاهرة ترى أن أي تنسيق أو فتح للمعبر في هذه الظروف قد يُستخدم كغطاء سياسي لتكريس الاحتلال، وهو ما يتعارض مع موقفها الثابت : لا فتح للمعبر إلا بوجود فلسطيني كامل، ورفض لأي وجود إسرائيلي على البوابة الشرقية لغزة.
ما تطرحه القافلة من شعارات تضامنية قد يبدو في ظاهره إنسانياً، لكن في العمق يطرح مخاوف أمنية وسيادية ، فهناك مؤشرات عديدة على أن بعض الأطراف المشاركة قد تتجاوز الإطار الإغاثي إلى أجندات سياسية، وهو ما يهدد استقلال القرار السيادي المصري ، وكذا الأمن الحدودي في شمال سيناء ، و العلاقة المتزنة بين مصر والفصائل الفلسطينية، القائمة على التنسيق الرسمي لا الفعل العشوائي .
مصر ليست دولة حدودها مفتوحة لكل من شاء ( لكل من هب ودب ) ولا يمكن السماح لأي جهة – حتى وإن حملت نوايا طيبة – بالاقتراب من منطقة استراتيجية ملتهبة كرفح .
الدولة المصرية تخوض معركة مفتوحة مع الإرهاب في سيناء، وتعتبر المعبر شرياناً حساساً يتطلب رقابة صارمة وتنسيقاً أمنياً عالي المستوى ، و دخول قوافل أو أفراد بدون غطاء مؤسسي يعرض الأمن الوطني للاختراق أو الفوضى.
من اللافت أن تحرك القافلة قوبل بموجة رفض داخل الشارع المصري نفسه، وليس فقط على المستوى الرسمي .
فعلى منصات التواصل انتشرت حملات تعتبر القافلة محاولة ” استغلال ” لاسم فلسطين لضرب استقرار مصر ، بينما عبّر مواطنون ومثقفون عن مخاوفهم من أن تكون هذه القوافل واجهات لأجندات خارجية تسعى لإحراج الدولة أو زعزعة ثقة الشعب بمؤسساته.
مصر كانت – ولا تزال – الداعم الرئيسي للشعب الفلسطيني، وقد قدمت خلال الشهور الماضية أكبر قدر من المساعدات الطبية والغذائية، كما استضافت جولات الحوار الفلسطيني، وتبنت موقفاً دولياً حاسماً لوقف إطلاق النار .
لكنها في الوقت نفسه، ترفض الانجرار وراء العواطف أو الضغوط غير المنضبطة، لأنها تتعامل مع الملف الفلسطيني من منطلق الأمن القومي والاستقرار الإقليمي، لا عبر الاستعراضات أو الشعارات الحنجورية .
إن رفض مصر السماح لقافلة “الصمود ” بدخول أراضيها ليس موقفاً ضد غزة أو أهلها، بل هو موقف دولة مسؤولة عن أمنها القومي، ورافضة لتوريطها في مواجهات أو ضغوط غير محسوبة.
الدعم لفلسطين قائم ومستمر، ولكن وفق قواعد السيادة المصرية والحسابات الاستراتيجية، لا عبر مغامرات تفتح أبواب الفوضى في سيناء وتُعرض الأمن القومي الوطني للخطر. تحيا مصر يحيا الوطن