عشرة رسول الله مع أمهات المؤمنين بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الخميس الموافق 12 ديسمبر 2024 إن الحمد لله على إحسانه والشكر له سبحانه وتعالى على امتنانه، ونشهد بأنه لا إله إلا الله تعظيما لشأنه، وأن محمدا عبده ورسوله داع لرضوانه، وصلّ اللهم عليه وعلى آله وخلانه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد، لقد كانت عشرة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمهات المؤمنين في غاية الشرف والنبل والسمو والحسن، كما كن في أعلى درجة من الشرف والقناعة والصبر والتواضع والخدمة والقيام بحقوق الزواج مع أنه كان في شظف من العيش لا يطيقه أحد، ومع هذا الشظف والضيق لم يصدر منهن ما يوجب العتاب إلا مرة واحدة حسب مقتضى البشرية وليكون سببا لتشريع الأحكام، وكان من شرفهن ونبلهن أنهن آثرن الله ورسوله ولم تمل واحدة منهن إلى اختيار الدنيا.
وأما تعدد الزوجات وأهميته في حياة الأمة فلا حاجة إلى البحث في موضوعه لأن من نظر في حياة الدول الأوروبية، التي تدين هذا المبدأ وتنكره، ونظرا إلى ما يقاسون من الشقاوة والمرارة وما يأتون من الفضائح والجرائم الشنيعة وما يواجهون من البلايا والقلاقل لإنحرافهم عن هذا المبدأ، كفى له ذلك عن البحث والإستدلال فحياتهم أصدق شاهد على عدالة هذا المبدأ وإن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار، ولقد كان كل أولاد النبي المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم من السيدة خديجة رضي الله عنها ما عدا ابنه إبراهيم فإنه من مارية القبطية المصرية التي أهداها المقوقس صاحب إسكندرية وقيل أنه أعتقها قبل أن يموت صلى الله عليه وسلم، وقال ابن كثير رحمه الله تعالي ” لا خلاف أن جميع أولاده من خديجة بنت خويلد، سوى إبراهيم فمن مارية بنت شمعون القبطية.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان أكبر ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم القاسم وبه يُكنى، ثم زينب ثم عبد الله ثم أم كلثوم ثم فاطمة ثم رقية وقيل غير ذلك في الترتيب، فمات القاسم وهو أول ميت من ولده بمكة، ثم مات عبد الله، فقال العاص بن وائل السهمي قد إنقطع نسله فهو أبتر وكانت قريش إذا ولد للرجل ثم أبطأ عليه الولد من بعده قالوا هذا الأبتر، فأنزل الله عز وجل “إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر” أي أن مبغضك هو الأبتر من كل خير، ثم ولدت له مارية بالمدينة إبراهيم في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة، فمات ابن ثمانية عشر شهرا، وكل الذكور ماتوا وهم صغار يرضعون لحكمة بالغة، وماتت بناته رقية وزينب وأم كلثوم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وماتت فاطمة رضي الله عنها.
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بستة أشهر تقريبا، ولم يذكر التاريخ الإنساني على مراحله المختلفة امرأة فاضلة وفت لزوجها وأدت واجباتها تجاهه مثل السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقد أعطت المال والجهد والحنان والحب والمشورة الصادقة الصائبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، خلال مواقفها معه أثناء تبليغ رسالة ربه حتى توفاها الله تعالى وهو راض عنها، فرضي الله عنها وأرضاها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ” رواه أحمد والطبراني، عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.