الرسول حريصا على مشاعر زوجاته بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الأربعاء الموافق 18 سبتمبر 2024 الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، حق قدره ومقداره العظيم، أما بعد إن من حسن عشرة المصطفى صلى الله عليه وسلم لزوجاته، الكثير والكثير، فكان يصلي الصبح ويجلس معهن، وفي آخر النهار له جلسة أخرى معهن، وقل يوم إلا وهو يطوف عليهن كما أخبرت السيدة عائشة رضي الله عنها فحديث “الجلوس آخر النهار” رواه البخاري ومسلم، وحديث الطواف كل يوم رواه أبو داود، وهذا وله صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة زوجة، وإنما كان يفعل ذلك تأنيسا لهن، وتطييبا لقلوبهن.
ومع كثرة أعماله صلى الله عليه وسلم، إلا أنه كان يسهر مع زوجاته، ويستمع منهن طرائف الأخبار، فقد حدثته السيدة عائشة رضي الله عنها بحديث أم زرع الطويل، وفيه أن إحدى عشرة امرأة تعاهدن في ليلة على أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا، فوصفت كل واحدة منهن زوجها، فكانت أحسنهن وصفا لزوجها وتعدادا لنعمه عليها زوجة أبي زرع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة رضي الله عنها ” كنت لكي كأبي زرع لأم زرع” رواه البخاري ومسلم، فأين هذا ممن شغلته تجارته وأعماله، أو أصحابه وأسفاره، حتى هجر زوجته وأهله من حيث لا يشعر، يخرج من عندهم في الصباح، ولا يعود إلا في وقت متأخر من الليل، ليهوي على فراشه جثة هامدة؟ بل إن بعض الناس يقضي مع أصحابه أكثر مما يقضيه مع أهله وأولاده، وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم وفيا لزوجاته، حافظا لحقهن.
وكان عليه الصلاة والسلام حريصا على مشاعر زوجاته، وأعلن حبه للسيدة عائشة رضي الله عنها، وحبس جيش المسلمين ليبحث عن عقدها، حتى جاء أبوها رضي الله عنه وجعل يطعن في خاصرتها يعاتبها، ولم يكن الإنسجام في البيت النبوي بفعل النبي صلى الله عليه وسلم فقط، بل كذلك كانت زوجاته، في تقدير الحياة الزوجية، ومعرفة قدر زوجهن صلى الله عليه وسلم، فلما شعرن بضيقه عليه الصلاة والسلام، لما طلبن من النفقة ما لا يجده، قلن رضي الله عنهن، والله لا نسأل رسول الله صلي الله عليه وسلمما ليس عنده، فإن حسن العشرة لا يعني انعدام المشكلات، ووجود الخلاف ليس خطرا، بل الخطر هو إنعدام الحكمة والإنصاف، حتى يتفاقم البلاء، ويحدث الهجر والطلاق، ومع أن بيت النبوة هو خير البيوت وأزكاها، إلا أنه مر بظروف عصيبة كحادثة الإفك.
التي مكث الناس فيها شهرا، لا يعلمون ما تنتهي إليه الأمور، ثم نزلت البراءة في كتاب الله تعالى، وذكرت السيدة حفصة رضي الله عنها أن الواحدة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ربما إختلفت معه حتى يمر كل اليوم ولا تكلمه، بل هجر النبي صلى الله عليه وسلم زوجاته مرة شهرا كاملا، وفي هذا عزاء للمؤمنين، وأسوة حسنة، فإذا كان بيت النبي صلى الله عليه وسلم لا يخلو من المشكلات، وهو خير البشر، وأعقل الناس، وأتقى الخلق لله، وزوجاته أمهات المؤمنين، فلا ضير أن يحصل الخلاف في بقية البيوت، وكما كان صدره عليه الصلاة والسلام رحبا، وخلقه سمحا، وطبعه ليّنا، فعلى المؤمن التأسي به، وسلوك منهجه، وتعلم طريقته، فتمسكوا رحمكم الله بسنته، وسيروا على منهجه وطريقته، وصلوا وسلموا على خير الورى طرا، فمن صلى عليه صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا.