مقال

هل نحلم أم نحاكي الحلم فقط؟ .. قراءة في رواية “هل يحلم الروبوت بالخراف الكهربائية؟”

بقلم د : خالد السلامي
من يُطفئ النور في غرفة الأحلام؟
في عالمٍ انقسمت فيه الفكرة عن الأصل، لم تعد البشرية تعرف على وجه اليقين من هو الإنسان، ومن هو الكائن الذي يشبهه تمامًا. رواية فيليب ك. ديك “هل يحلم الروبوت بالخراف الكهربائية؟” ليست مجرد عمل خيال علمي، بل صرخة وجودية ترتطم بجدران الفكر، تسأل دون هوادة: ما الذي يجعل الإنسان إنسانًا؟ أهو الجسد؟ الذاكرة؟ أم شيء أدق… كالتعاطف؟
هذه الرواية، التي أُنتج عنها لاحقًا فيلم “Blade Runner”، تتجاوز حبكة الشرطة والروبوتات، لتلامس أسئلة تُربك حتى الفلاسفة. نحن لا نقرأ قصة مطاردة فقط، بل نُجر إلى متاهة أخلاقية، حيث لا تكون الإجابة واضحة، ولا تكون الحقيقة سهلة البلع.
الرواية لا تعالج فقط موضوع الذكاء الاصطناعي، بل تقف في منتصف الطريق بين الحلم والواقع، بين التكرار والحياة، بين جهاز كهربائي يشعر… وإنسان فقد شعوره منذ زمن.
عن الكاتب والرواية: كاتب يرى الحقيقة من حافة الجنون
فيليب كندرد ديك لم يكن كاتبًا مريحًا. عاش حياة مليئة بالشك، بالعزلة، بالهلوسة الفكرية، وهو ما جعل كتاباته مزيجًا من الفوضى والإلهام. نُشرت الرواية عام 1968، في وقت كانت فيه الحرب الباردة تصنع جيلًا من البشر لا يثق بالواقع، وهو الجو الذي تنفست فيه الرواية.
تقع أحداث الرواية في عالم ما بعد كارثة نووية، حيث هاجر البشر الأثرياء إلى مستعمرات فضائية، وبقي على الأرض من لا حول لهم. الروبوتات – التي تُدعى “أندرويدات” – تُصنع بتقنيات متقدمة، حتى بات التفريق بينها وبين البشر شبه مستحيل. ريك ديكارد، بطل الرواية، شرطي مكلف بمطاردة هذه الكائنات التي خرجت عن السيطرة.
لكن خلال المطاردة، يبدأ ريك بفقدان يقينه: هل من يقتله مجرد آلة؟ أم روح تبحث عن مكانها؟
الأفكار الرمزية والفلسفية
ما معنى أن تكون إنسانًا؟
الرواية لا تؤمن بأن الإنسانية مرتبطة بالدم أو الحمض النووي. بل تُعرّفها بشيء لا يُرى: القدرة على التعاطف. الأندرويدات قادرة على تقليد المشاعر، لكنها – وفق العالم البارد للرواية – لا “تشعر” بها فعليًا. إلا أن ما يُربك، هو أن ريك ديكارد نفسه يفقد تعاطفه تدريجيًا، كأنه يتحوّل إلى آلة أثناء تأديته لمهمته.
هل التعاطف شيء نملكه… أم شيء نتدرّب على فقدانه؟
هل يمكن للآلة أن تحلم؟
في عنوان الرواية نفسه، سؤال يُربك: “هل يحلم الروبوت؟” الحلم هنا ليس نومًا، بل رغبة، حنين، تخيّل، تمرد. الروبوتات في الرواية تُظهر ملامح من القلق، من الشك، من محاولة بناء هوية مستقلة.
ربما لا يهم إن كانت هذه المشاعر حقيقية أو مبرمجة، لأن السؤال الأخطر هو: هل ما نشعر به نحن… حقيقي فعلًا؟ أليست ذكرياتنا قابلة للتعديل؟ أليست أفكارنا مكررة؟
الأخلاق في عالم مقلّد
ريك يقتل الأندرويدات تحت مسمى “الإلغاء”، كما لو كانت أعطالًا يجب إزالتها. لكن حين تبدأ هذه الكائنات في التوسّل، في الحب، في الشعور بالخوف… يصبح من الصعب اعتبارها مجرد آلات.
الرواية تطرح سؤالًا مرًّا: هل الأخلاق شيء نمنحه فقط لمن يشبهنا؟ وإن جاء يومٌ صارت فيه الآلة أكثر تهذيبًا وتعاطفًا من الإنسان… فمن يكون “الأعلى”؟
الحنين للحيوان… رمز الفقد الروحي
في عالم الرواية، الحيوانات أصبحت نادرة، والاحتفاظ بها علامة على المكانة. من لا يملك حيوانًا حقيقيًا، يشتري نموذجًا كهربائيًا. عنوان الرواية يحمل في طيّاته هذا المعنى: الروبوتات تحاكي البشر، والبشر باتوا يشترون تقليدًا للطبيعة.
الخروف الكهربائي رمز لكل ما فُقد: البساطة، الروح، الترابط مع الحياة. كل شيء أصبح محاكاة.
تقاطعات مع الواقع المعاصر
الرواية تبدو نبوءة. ففي زمننا الآن، الذكاء الاصطناعي يتطوّر، والآلات بدأت تدخل مجالات كانت حكرًا على البشر: الفن، الكتابة، الترجمة، المشورة النفسية. والسؤال أصبح حقيقيًا: إذا كانت الآلة تفعل ما نفعله… بل أفضل، فما الذي يجعلنا بشريين؟
هل هو الخطأ؟ العاطفة؟ الشعور بالذنب؟
وهل ما نراه على الشاشات، على وسائل التواصل، إلا محاكاة لحياة لم نعشها؟
الانتقادات المحتملة
الرواية ليست سهلة القراءة. أسلوب فيليب ديك فوضوي، يقفز من فكرة لأخرى، أحيانًا دون مقدمة. كما أن عالم الرواية يُبنى على تدريج غريب: لا نعرف القوانين إلا حين تُكسر. بعض القراء قد يشعر بالتيه.
لكن هذا جزء من التجربة. لأن ما يصفه ديك هو واقع لا يمكن القبض عليه بدقة. الغموض هنا ليس عيبًا بل ضرورة.
الخاتمة: حين يُصبح الحلم اختبارًا للروح
“هل يحلم الروبوت بالخراف الكهربائية؟” ليس سؤالًا عن الآلة، بل عنّا. هل ما نحياه حلم حقيقي… أم نسخة؟ هل نحن من نحلم… أم أن حياتنا هي حلم شخص آخر؟
الرواية لا تُعطي أجوبة. لكنها تدفعك لتسأل: إذا كانت مشاعري قابلة للتكرار… فهل أنا أكثر من برنامج معقّد؟
في عالم بدأ يتشابه فيه الإنسان والآلة، تبقى الرحمة، الحلم، الارتباك… ربما آخر ما يُثبت أننا أحياء.
لكن… إلى متى؟
.
المستشار الدكتور خالد السلامي ..عضو الامانه العامه للمركز العربي الأوربي لحقوق الإنسان والقانون الدولي وممثل عنه في دولة الإمارات العربية المتحدة
المستشار الدكتور خالد السلامي حصل على “جائزة أفضل شخصيه تأثيرا في الوطن العربي ومجتمعية داعمه ” لعام 2024
حصل المستشار الدكتور خالد السلامي – سفير السلام والنوايا الحسنة وسفير التنمية ورئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة على جائزة الشخصيه المؤثره لعام 2023 فئة دعم أصحاب الهمم .
وحاصل أيضًا! على افضل الشخصيات تأثيرا في الوطن العربي لعام 2023 ؛ ويعد” السلامي “عضو اتحاد الوطن العربي الدولي وعضو الامانه العامه للمركز العربي الأوربي لحقوق الإنسان والقانون الدولي .والممثل الرسمي للمركز في دولة الإمارات العربية المتحدة
كما حاصل على “جائزة أفضل شخصيه مجتمعية داعمه “وذلك لعام 2024 وعضو في المنظمه الامريكيه للعلوم والأبحاث.
ويذكر أن ” المستشار خالد “هو رئيس مجلس ذوي الهمم والإعاقة الدولي في فرسان السلام وعضو مجلس التطوع الدولي وأفضل القادة الاجتماعيين في العالم لسنة 2021.
الموقع الرسمي للمستشار الدكتور خالد السلامي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى