مقال

ومضة من الماضي.. في قلب الحاضر

جريدة الأضواء المصرية

ومضة من الماضي.. في قلب الحاضر

بقلم: محمود سعيد برغش

كنت جالسًا في مكان أزوره لأول مرة، أحتسي قهوتي بهدوء، حين باغتني ذاك الإحساس العجيب. نظرت حولي، بدا كل شيء مألوفًا: لون الجدران، صوت المعلقة على الفنجان، حتى الحوار الدائر على الطاولة المجاورة.

سألت نفسي: “هل مررت بهذا من قبل؟”

لكنني لم أجد إجابة. فقط صمتٌ داخلي، يرافقه يقينٌ غامض: لقد عشت هذا المشهد من قبل.

هذا ما يسميه العلماء بـ”الديجا فو”، وما نسميه نحن أحيانًا: لحظة من الجنون الجميل.

الزمن يعيد نفسه.. أم العقل يخدعنا؟

الديجا فو ليست سحرًا ولا نبوءة، بل هي حالة ذهنية محيرة، يحدث فيها تداخل غريب بين الذاكرة والحاضر.

الدماغ، بتعقيده المذهل، قد يُسجل لحظة ما وكأنها ذكرى قديمة، رغم أنها تحدث الآن. كأن الحاضر يرتدي قناع الماضي لثوانٍ معدودة، ثم ينزعه سريعًا ويعود لطبيعته.

تجربة شخصية يعيشها الجميع

الغريب أن هذه الظاهرة ليست نادرة. كثيرون يشعرون بها، خاصة في لحظات الهدوء أو الإرهاق أو الانغماس في التفكير. لا أحد يعرف متى تأتي، لكنها عندما تأتي تترك وراءها دهشة وتساؤلاً، يدفعنا أحيانًا للتفكر في طبيعة العقل والزمن.

رسالة من العقل الباطن؟ أم ومضة روحية؟

بعض التفسيرات تذهب بعيدًا، فتربط الديجا فو بعالم الأحلام، أو حتى بالحياة السابقة. يرى البعض أنها دليل على أن أرواحنا تسبق أجسادنا أحيانًا، أو أن العقل يدرك أشياء لا نراها بالعين.

قد تبدو هذه الأفكار غريبة، لكنها تعكس محاولة الإنسان لفهم ما لا يُفهم بسهولة.

وفي النهاية..

الديجا فو تذكير بأننا لسنا مجرد أجساد تمشي في خط مستقيم من الماضي إلى المستقبل. نحن كائنات تحمل داخلها عوالم كاملة من الذكريات، والتخيلات، والانفعالات التي يصعب تفسيرها.

وعندما نمر بتلك اللحظة الغامضة التي نشعر فيها أن “هذا حدث من قبل”، ربما يكون العقل فقط يهمس لنا:

“توقف لحظة.. هناك شيء أكبر مما تراه الآن.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى