نجيب ساويرس ينتقد تدخل الجيش المصري في الاقتصاد ويشيد بالتجربة التركية

يكتب ✍✍✍ دكتور / علي جمال عبد الجواد مدرس أدارة الأعمال والمالية .
أثار رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس جدلاً واسعًا بعد تصريحاته الأخيرة التي انتقد فيها تدخل الجيش المصري في الأنشطة الاقتصادية المدنية، مشيرًا إلى أن هذا التدخل يخلق بيئة غير مواتية للمستثمرين.
في مقابلة خلال زيارته لجامعة هارفارد، أعرب ساويرس عن قلقه من مزاحمة الجيش للقطاع الخاص، موضحًا أن وجود شركات تابعة للجيش تعمل في مجالات مثل إنتاج البسكويت والجمبري والمياه المعدنية، دون دفع ضرائب أو تحمل تكاليف العمالة، يثني المستثمرين الأجانب عن الاستثمار في مصر.
وأشار ساويرس إلى أن مهمة الجيش الأساسية هي حماية البلاد، داعيًا إلى تركيز جهوده على تطوير الصناعات الدفاعية المحلية. وأشاد بتجربة تركيا في هذا المجال، حيث تمكنت من تصنيع طائرات مسيّرة ومعدات عسكرية متقدمة، مما جعلها أقل اعتمادًا على الدول الأخرى في تسليح جيشها.
تصريحات ساويرس أثارت ردود فعل متباينة، حيث طالب بعض الإعلاميين باتخاذ إجراءات قانونية ضده، معتبرين تصريحاته مسيئة للجيش المصري.
تأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه الاقتصاد المصري تحديات متعددة، ويثير تدخل الجيش في الأنشطة الاقتصادية المدنية نقاشًا مستمرًا حول تأثيره على بيئة الأعمال والاستثمار في البلاد.
ردود الفعل على تصريحات ساويرس
رد الإعلامي والبرلماني السابق مصطفى بكري على تصريحات ساويرس، معتبرًا إياها هجومًا غير مبرر على الجيش المصري. وأشار بكري إلى أن الجيش يقوم بدور حيوي في التنمية والبناء، وأنه لولا دوره لكانت البلاد في حالة انهيار. كما اتهم بكري ساويرس وعائلته بالاستفادة من الدولة والجيش في مشروعاتهم الاقتصادية.
من جانبه، تقدم الإعلامي محمد الباز ببلاغ إلى النائب العام العسكري ضد ساويرس، متهمًا إياه بالإساءة إلى الجيش المصري والسخرية منه في إحدى مقابلاته التلفزيونية. وأكد الباز أن تصريحات ساويرس تستحق المساءلة القانونية.
استفادة أوراسكوم من الدولة
تُعد شركة أوراسكوم، التي يترأسها نجيب ساويرس، من أبرز الشركات التي استفادت من المشروعات الحكومية في مصر.
فقد حصلت الشركة على عقود لتنفيذ مشروعات ضخمة في مجالات البنية التحتية والسياحة والعقارات.
على سبيل المثال، بلغت مبيعات شركة أوراسكوم للتنمية في قطاع العقارات نحو تريليون جنيه، مستفيدة من المبادرات الحكومية لدعم القطاع الفندقي والسياحي، خاصة القروض التمويلية ذات الفائدة المنخفضة.
كما تتابع وزارة التموين مع شركة أوراسكوم للإنشاءات الموقف التنفيذي لإنشاء المخزن الاستراتيجي بالفيوم، وهو مشروع حكومي ضخم يهدف إلى تعزيز قدرات التخزين الاستراتيجي للسلع الأساسية.
يعلم نجيب ساويرس أن الجيش المصري لعب دورًا محوريًا في حماية استقرار الدولة وإنقاذ الاقتصاد خلال السنوات الأخيرة، خاصة في ظل التحديات الإقليمية والدولية الحادة. إليك أبرز الجوانب التي يمكن من خلالها القول إن الجيش ساهم بفاعلية في إنقاذ مصر:
1. حماية الأمن القومي ومكافحة الإرهاب
قاد الجيش المصري عمليات شاملة في سيناء (عملية “سيناء 2018”)، أسفرت عن القضاء على آلاف العناصر الإرهابية وتأمين الحدود الشرقية والغربية، مما حافظ على الاستقرار الداخلي ومنع تحول مصر إلى ساحة صراع مثل بعض دول الجوار.
2. دعم الدولة في الأزمات الاقتصادية
خلال أزمة كورونا، وفر الجيش مستلزمات طبية ومواد غذائية بأسعار منخفضة، مما ساهم في حماية الفئات الأكثر تضررًا.
أنشأ الجيش منافذ بيع متنقلة وثابتة للسلع الأساسية لمواجهة موجات التضخم ونقص الإمدادات.
ساهم في مشروعات البنية التحتية الضخمة (الطرق، الكباري، المدن الجديدة) بسرعة وكفاءة، ما خلق ملايين الوظائف وخفف الضغط عن الجهاز الإداري للدولة.
3. مشروعات قومية تحت إشراف القوات المسلحة
أشرف الجيش على تنفيذ مشروعات استراتيجية مثل:
قناة السويس الجديدة (2015): رفعت إيرادات القناة وسرّعت حركة التجارة.
الأنفاق أسفل القناة: ربطت سيناء بباقي مصر، وشجعت التنمية في المناطق الحدودية.
محطات تحلية المياه ومحطات الكهرباء العملاقة بالتعاون مع شركات دولية.
المجمعات الصناعية والزراعية في الصعيد وسيناء.
4. حفظ النظام أثناء الأزمات السياسية
بعد ثورة 30 يونيو 2013، تدخل الجيش لإنقاذ الدولة من الانقسام والانهيار، وفرض الأمن حتى استقرت مؤسسات الحكم وعاد النشاط الاقتصادي تدريجيًا.
5. الاحتياطي الاستراتيجي والخدمات اللوجستية
يمتلك الجيش احتياطيًا ضخمًا من السلع الأساسية، يتم استخدامه في الأزمات لتثبيت الأسعار.
شبكة لوجستية متطورة دعمت توصيل الإمدادات إلى المناطق النائية.
خلاصة لنجيب ساويرس
أن الجيش المصري ليس فقط قوة عسكرية، بل كان ولا يزال أحد ركائز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في البلاد.
ورغم الجدل حول حجم تدخله في الاقتصاد، فإن دوره كان حاسمًا في إنقاذ مصر في أوقات الأزمات، ودعمه ساهم في تجنب سيناريوهات انهيار كانت قريبة في بعض الفترات.
تصريحات نجيب ساويرس حول تدخل الجيش المصري في الاقتصاد أثارت جدلاً واسعًا، حيث اعتبرها البعض انتقادًا مشروعًا لدور الجيش في الاقتصاد، بينما رأى آخرون أنها إساءة غير مقبولة للمؤسسة العسكرية. وفي الوقت نفسه، تُظهر البيانات أن شركات ساويرس، مثل أوراسكوم، استفادت بشكل كبير من المشروعات الحكومية، مما يثير تساؤلات حول دوافع هذه التصريحات وتوقيتها.