إنه لا شيء في الحياة يدوم، إلا وجودك مع نفسك. هذا ما أراده شكسبير حين قال: “لاتطلب قرب أحد، ولا تنتظر عطفًا من أحد”، مشيرًا إلى أهمية الاستقلالية الداخلية. هذه النصيحة تفتح أمامنا نافذة لفهم أعمق للحياة، بعيدًا عن الارتباط المفرط بالأشخاص والأشياء التي قد تُربكنا أو تجعلنا نغترب عن أنفسنا.
إنه من الضروري أن نصنع لأنفسنا وطنًا داخليًا، لأن الحياة ليست دائمًا في صالحنا، فلا يمكننا أن ننتظر دائمًا من الآخرين أن يملؤوا فراغنا أو يحققوا لنا سعادتنا. يجب أن نكون مصدر النور لأنفسنا، نُضيء العتمة التي قد تسيطر على حياتنا بين الحين والآخر، ونعيد ترتيب أنفسنا بعد كل شتات.
لكن، في خضم هذه المساعي الداخلية، يبقى هناك شيء مميز يعجز الكلام عن وصفه، وهو الحب. الحب الذي يتجاوز الكلمات، ويغمر القلب والروح في آن واحد. كما في الكلمات الجميلة التي تدفقت من قلوبنا، نبصره في كل لحظة، وفي كل همسة. فهو الأمل حين يعم اليأس، والنور عندما يغطى الظلام على دروبنا.
إنما في نهاية الأمر، يظل هذا الحب الذي نبحث عنه في الآخرين أحيانًا هو الذي يأتي من داخلنا، من ذلك التوازن الذي نصنعه بيننا وبين أنفسنا. نحب، لكننا لا نحتاج إلى الآخرين ليكملوا حبنا، بل نكمل أنفسنا بأنفسنا، ونعطي الحب بلا انتظار لمقابل.
إن ما ذكرته في كلماتك عن التوق إلى أن تكون بجانب من نحب، وعن شدة تأثير ذلك الحضور في حياتنا، يتضح لنا بأن الحب ليس مجرد شعور، بل هو أفق مفتوح نحو الرؤية الذاتية. قد نحتاج للآخرين كي نشعر بمزيد من الحياة، ولكن في النهاية، يكون القلب هو الوطن الحقيقي. فكما تقول، “أنا لا أراك بل أبصر طيفك”، فإن الحب هنا، ليس مرهونًا بالحضور المادي، بل بالوجود الروحي الذي لا يموت.
في هذه الرحلة التي ندعوها حياة، سواء من خلال علاقاتنا أو علاقتنا بأنفسنا، نبحث عن ذلك النور الذي نستطيع أن نضيء به دروبنا. فإن أردنا أن نحب، فليكن حبنا حقيقيًا، مع أنفسنا أولًا، ثم مع كل ما يحيط بنا.