مقال

الكفر حكم شرعي يثبت بالأدلة الشرعية

جريدة الأضواء المصرية

الكفر حكم شرعي يثبت بالأدلة الشرعية
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي خلق الخلق بقدرته، ومنّ على من شاء بطاعته، وخذل من شاء بحكمته، فسبحان الله الغني عن كل شيء، فلا تنفعه طاعة من تقرب إليه بعبادته، ولا تضره معصية من عصاه لكمال غناه وعظيم عزته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في إلاهيته، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله خيرته من خليقته، اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحابته صلاة وسلاما كثيرا، أما بعد فاتقوا الله تعالى بدوام الطاعات، وهجر المحرمات فقد فاز من تمسك بالتقوى في الآخرة والأولى، وخاب وخسر من اتبع الهوى ثم أما بعد إن من خلال إستقراء أهل العلم في النصوص الشرعية إستنبطوا قواعد في التكفير وهي القاعدة الأولى أن التكفير حكم شرعي من أحكام الدين له أسبابه وضوابطه وشروطه وموانعه وآثاره، شأنه في ذلك شأن سائر الأحكام الشرعية.

“لأن الكفر حكم شرعي وإنما يثبت بالأدلة الشرعية ” فلهذا كان أهل العلم والسنة لا يكفرون من خالفهم وإن كان ذلك المخالف يكفرهم لأن الكفر حكم شرعي فليس للإنسان أن يعاقب بمثله كمن كذب عليك وزنى بأهلك ليس لك أن تكذب عليه وتزني بأهله لأن الكذب والزنا حرام لحق الله تعالي، وكذلك التكفير حق لله فلا يكفر إلا من كفره الله ورسوله وأيضا فإن تكفير الشخص المعين وجواز قتله موقوف على أن تبلغه الحجة النبوية التي يكفر من خالفها وإلا فليس كل من جهل شيئا من الدين يكفر” ونستنتج من هذه القاعدة أنه لا يثبت التكفير على قول إلا بدليل شرعي لأن الكافر هو من كفره الله ورسوله، وأنه لا يحكم في التكفير إلا العالم بالأدلة الشرعية، وأنه لابد من تعلم أحكامه والتفقه فيه لأنه حكم شرعي ولأن له أهمية كبيرة لإرتباطه بكثير من الأحكام الشرعية مثاله النكاح.

فلكي نقبل بالرجل زوجا لابد أن يكون مسلما، وأنه لا يصح ولا يجوز مجاوزة الحد الشرعي فيه، لا بالإفراط ولا بالتفريط، وهناك فرق بين التحذير من التكفير وبين التحذير من الغلو في التكفير، فالنصوص تحذر من الغلو فيه وليس التحذير منه ومن تلك النصوص ما رواه البخاري، وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول “لا يرمي رجل رجلا بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا إرتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك” ولذا قال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله في إحكام الأحكام “وهذا وعيد عظيم لمن كفّر أحدا من المسلمين وليس كذلك وهي ورطة عظيمة وقع فيها خلق كثير من المتكلمين ومن المنسوبين إلى السنة وأهل الحديث لمّا إختلفوا في العقائد فغلظوا على مخالفيهم وحكموا بكفرهم وخرق حجاب الهيبة في ذلك جماعة من الحشوية.

وهذا الوعيد لاحق بهم إذا لم يكن خصومهم كذلك” وقال الامام الشوكاني رحمه الله في كتابه السيل الجرار ” اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية من طريق جماعة من الصحابة “أن من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما” هكذا في الصحيح وفي لفظ آخر في الصحيحين وغيرهما ” من دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه” أي رجع وفي لفظ في الصحيح “فقد كفر أحدهما ” ففي هذه الأحاديث وما ورد موردها أعظم زاجر وأكبر واعظ عن التسرع في التكفير”

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى