مقال

إياكم والعقاقير المهدئة

إياكم والعقاقير المهدئة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 16 يناير 2025
الحمد لله كما أمر وأشكره على نعمه وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان ما إنبلج فجر وإنفجر وسلم تسليما كثيرا، أما بعد إن التعاطي والإدمان كلاهما يجبر الشاب على أن يخسر ماله ووظيفته وسمعته وصحته وأهله، لأنه عندما يتعاطى المخدر ولا سيولة في يده، يحاول أن يوجدها من خلال السرقة أو الرشوة أو البغاء أو غيرها من الطرق غير المشروعة، وعند الإدمان قد يلجأ إلى إرتكاب جرائم أكبر كالقتل في سبيل الحصول على المال، وقد يرتكب جريمة الإنتحار للتخلص من الحياة، خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين.

وإن الشاب الذي يفكر في السير في خط الهلاك، فعليه أن يفكر أولا فيما يجنيه من وراء تعاطي المخدرات، فإذا علم بأن خسارة المال محققة، فليعلم بأن خسارة الصحة محققة أيضاً، ناهيكم عن الأخطار الجسمية والنفسية والإجتماعية، وإن النشوة المؤقتة والسكرة الآنية التي توفرها المخدرات، هي سعادة ومتعة موهومة، ولا تقاس بالأضرار التي تسببها، وهل هناك أخطر من أن يفقد الإنسان كرامته ومروءته؟ ومدمن المخدرات مستعد لأن يبيع كرامته وشرفه، ليحصل على لذة ساعة، ثم يعود ليعرض ما تبقى ما عنده من شرف ليبيعه أو ينتحر فيلحقه غضب رب العالمين، والإنتحار من أكبر الكبائر، وقد قال الله تعالي ” ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدونا وظلما فسوف نصلية نارا وكان ذلك يسيرا ”

وقال النبي صلي الله عليه وسلم ” من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة” وأما عن العقاقير المهدئة وهي المهدئات وهي مجموعة مختلفة من العقاقير لها تركيب كيميائي متباين غير أنها تشترك في مفعولها في تخفيف أو إزالة الاستثارات الانفعالية ضمن هذه المجموعة مركبات البنزوديازيبات مثل الفاليوم والليبراكس ومركبات الميبرومات والليبريوم والأتيفان وغيرها وجميع تلك المركبات تستخدم طبيا في علاج الإضطرابات النفسية والتوتر والقلق وبعض من تلك العقاقير تعتبر أدوية لعلاج الصرع والرعاش العصبي وضمن التخدير العام للعمليات الجراحية وأمراض عضوية عديدة، وتؤثر هذه المركبات على مراكز وقنوات النخاع الشوكي وبعض مراكز قشرة المخ، وعلى الرغم من أن تأثيرها أقل ضررا من المنومات إلا أنها وجدت طريقها إلى المدمنين.

الذين يستخدمونها عادة بالإضافة إلى مخدرات أخرى ولقد رصد الأطباء العديد من المضاعفات لدى مدمني هذه المركبات أهمها وهن العضلات والدوار وهبوط الضغط الشرياني، الإضطرابات النفسية والعقلية وكما أن بعض هؤلاء المدمنين يصابون بحالات من الهياج العصبي وأما زيادة الجرعة فقد تؤدي إلى الغيبوبة والوفاة في بعض الحالات، وإن خطر تعاطي وإدمان هذه المركبات المتوفرة في صورة أقراص وحقن يمكن في أعراض الإقلاع والتي تبدأ خلال يوم كامل بعد التوقف عن التعاطي وتشمل نوبات من الهذيان والتشنج والصرع وفقدان الاتزان والانهيار الجسماني والتشوش العقلي إضافة إلى التعرق بغزارة والغثيان والقيء، وإن هذا الاعتماد أو الإدمان العضوي يستدعي بالضرورة علاج هؤلاء المدمنين في مصحات متخصصة وهي معالجة باهضة الكلفة.

ولعل ذلك يوضح خطورة وصعوبة ظاهرة إدمان هذه المركبات في الدول النامية والفقيرة، ولقد بادرت العديد من دول العالم إلى تطبيق إجراءات صحية بالغة الدقة لتنظيم صرف هذه الأدوية غير أنه وبكل أسف لازالت هناك بعض الدول التي يسهل فيها الحصول على مثل تلك المركبات ومن الممكن التأكيد وبثقة بأن الكويت لديها نظم رقابية صارمة تنظم صرف مثل تلك العقاقير للاستخدام الطبي، ويؤدى الإنقطاع  عن إدمان المهدئات إلى ما يعرف باسم متلازمة الحرمان وأهم أعراضها نوبات من الهذيان والتشنج والصرع وفقدان الاتزان والانهيار الجسماني والتشوش العقلي والغثيان والقيء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى