مقال

الشخص الذي إستحق وصف النفاق

جريدة الأضواء المصرية

الشخص الذي إستحق وصف النفاق
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 21 أكتوبر 2024
الحمد لله رب العالمين واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه أجمعين أما بعد ما أحوجنا اليوم أيها الناس إلي الامانه فإننا نجد الأمانة تنظم شؤون الحياة كلها من عقيدة وعبادة وأدب ومعاملة وتكافل إجتماعي وسياسة حكيمة رشيدة وخلق حسن كريم، والأمانة بهذا المعنى وهذه الحدود، سر سعادة الأمم، ويوم كانت أمتنا من أصدق الشعوب والأمم في حمل هذه الأمانة والوفاء بها كانت أمتنا خير أمة أخرجت للناس، وإن أنواع الأمانة كلها من مال وجسد وجوارح ورعية وغير ذلك في حقيقتها ليست ملكا محضا لنا، إنما هي ملكية مؤقتة في دار الدنيا، ومالكها الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى، ومن بدهيات الحقوق التي يتفق عليها كل الناس.

على إختلاف مللهم ونحلهم أنه لا يجوز التصرف بالأمانة إلا بإذن من صاحبها ومالكها، وبما يراه هو، لا ما يراه من أودع عنده تلك الأمانة، وكل تصرف بالأمانة بغير ما يريد مالكها فهو خيانة وظلم، ووضع الأمور بغير مكانها، وصاحب الأمانة لابد من أن يُسأل عنها يوما من الأيام، وإن خيانة الأمانة من صفات النفاق العملي، والأمانة هو كل ما اؤتمن عليه الشخص سواء كان حقا لله كالطهارة والصلاة والزكاة، أو كان حقا للمخلوق من وديعة وعارية ودَين وغير ذلك، ومن أعظم الخيانة هو تقصير الشخص في النصح لمن تحت يده، كتقصير الأب في تربية أولاده، وكتقصير المعلم والمعلمة في بذل الوسع في توجيه من تحت أيديهم، وبذل ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، وكتقصير الموظف سواء كان مديرا عاما.

أو رئيس قسم أو موظفا عاديا في عملهم وتقديم من حقه أن يؤخر، وتأخير من حقه أن يقدم، أو أكل الرشوة وتسميتها بغير اسمها، كالهدية أو غير ذلك، فخيانة الأمانة إضافة لكونها من صفات النفاق فإنه متوعد صاحبها عليها بالنار، فعن معقل بن يسار المزني، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنة” رواه البخاري ومسلم، وإن من صفات النفاق الكذب فهو خلق ذميم، إذا غلب على الشخص إستحق وصف النفاق، وكتب عند الله كذابا، وعُرف بذلك في الملأ الأعلى، ومن الكذب الذي قد يتساهل به البعض وهو الكذب لإضحاك الناس، وإستمالة قلوبهم في المجالس، أو لأجل أن يتابعوا ما يكتبه عبر وسائل الإعلام المختلفة.

وهو ما يعرف عند الناس بالنكت، فإن لم يكن فيه إعتداء على أحد فهو داخل في باب الكذب المحرّم، وإن كان فيه إحتقار أو غيبة لأحد، فالحرمة أشد، فعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، قال “سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول “ويل للذي يحدّث بالحديث ليضحك به القوم، فيكذب، ويل له، ويل له” رواه الترمذي، وإن من أنواع الأمانات هو الأمانة في الحراسة والعمل، فقيل أنه في أحد الأيام كان هناك حارس بستان، دخل عليه صاحب البستان وطلب منه أن يحضر له رمانة حلوة الطعم فذهب الحارس وأحضر حبة رمان وقدمها لسيد البستان، وحين تذوقها الرجل وجدها حامضة، فقال صاحب البستان قلت لك أريد حبة حلوة الطعم، أحضر لي رمانة أخرى، فذهب الحارس مرتين متتاليتين.

وفي كل مرة يكون طعم الرمان الذي يحضره حامضا، فقال صاحب البستان للحارس مستعجبا إن لك سنة كاملة تحرس هذا البستان، ألا تعلم مكان الرمان الحلو ؟ فقال حارس البستان إنك يا سيدي طلبت مني أن أحرس البستان لا أن أتذوق الرمان، كيف لي أن أعرف مكان الرمان الحلو؟ فتعجب صاحب البستان من أمانة هذا الرجل، وأخلاقه، فعرض عليه أن يزوجه ابنته، وتزوج هذا الرجل من تلك الزوجة الصالحة، وكان ثمرة هذا الزواج هو عبد الله ابن المبارك الزاهد العابد.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى