فضيلة من فضائل المؤمنين بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الأربعاء الموافق 18 سبتمبر 2024 الحمد لله الذي فرض على عباده الحج إلى بيته الحرام ورتب على ذلك جزيل الأجر ووافر الإنعام أحمده سبحانه على الرخاء والنعماء وأشكره في السراء والضراء وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شرع الشرائع وأحكم الأحكام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من صلى وصام ووقف بالمشاعر وطاف بالبيت، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الكرام، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أشرقت برسالته الأرض بعد ظلماتها وتألفت به القلوب بعد شتاتها وسارت دعوته سير الشمس في الأقطار وبلغ دينه ما بلغ الليل والنهار، وإستجابت لدعوته القلوب طوعا وإذعانا، وإمتلأت بعد كفرها أمنا وإيمانا، فجزاه الله عن أمته أفضل الجزاء وصلى عليه صلاة تملأ أقطار الأرض والسماء وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد هو خلق من أخلاق الأنبياء والمرسلين خلق عظيم، وفضيلة من فضائل المؤمنين.
عظم الله تعالي أمرها، ورفع شأنها، وأعلى قدرها، بها تحفظ الحقوق، وتؤدى الواجبات، وتصان الدماء والأموال والأعراض، وبها تعمر الديار والأوطان، ويقام الدين، ويعبد الله في أرضه، وبها ينال العبد رضا ربه، وثناء الناس له من حوله، لا يستغني عنها الأفراد ولا الدول ولا الشعوب والمجتمعات، ويقول الله سبحانه في وصف عباده المفلحين المؤمنين ” والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون” وقد جاءت الأمانة في القرآن الكريم على ثلاثة أوجه، أحدها هو الفرائض، والثاني هو الوديعة، والثالث هو العفة والصيانة، والأمانة أصل في جميع العبادات والمعاملات، فالصلاة أمانة في عنقك، تؤديها في أوقاتها كاملة الشروط والواجبات، والصيام أمانة بينك وبين الله، والزكاة أمانة والله مطلع عليك في أدائها كاملة أو ناقصة.
والأيمان والعهود والمواثيق والإلتزامات والمواعيد أمانة كذلك، والصحة أمانة، وسمعك وبصرك ولسانك وفؤادك أمانة عندك، وسوف تسأل عنها، فقال تعالى ” إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ” وهناك أمانة تتعلق بحق الوالدين، وأمانة تتعلق بحق الأبناء، وأمانة تتعلق بحق الجيران، وأمانة تتعلق بحق التجار، والموظفون مؤتمنون، والمعلمون مؤتمنون، وكل في مجاله مؤتمن، والله تبارك وتعالى سائل كلا عما ائتمنه عليه، وفي الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم ” كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته” وجاء عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنة”
وفي رواية ” فلم يحطها بنصحه، لم يرح رائحة الجنة” متفق عليه، وإن القول العام في الأمانة أنها تشمل الدين، والأعراض، والأموال والأجسام والأرواح والمعارف والعلوم، والولاية، والوصاية والشهادة، والقضاء، والكتابة، ونقل الحديث، وكتم الأسرار والرسالات والسمع، والبصر، وسائر الحواس، فإنها الأمانة التي جعلها النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم من علامات إيمان العبد بالله، وجعل الخيانة من علامات النفاق، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم” رواه الترمذي، ويقول صلى الله عليه وسلم “آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان” رواه البخاري.