
وكان الله عليكم رقيبا
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 10 سبتمبر 2023
الحمد لله الذي جعل لنا الصوم حصنا لأهل الإيمان والجنة، وأحمد سبحانه وتعالى وأشكره، بأن من على عباده بموسم الخيرات فأعظم المنة ورد عنهم كيد الشيطان وخيب ظنه، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، شهادة تؤدي لرضوانه والجنة، أما بعد ينبغي للمسلم أن يأخذ نفسه بمراقبة الله تبارك وتعالى ويلزمها إياها في كل لحظة من لحظات الحياة حتى يتم لها اليقين بأن الله مطلع عليها عالم بأسرارها رقيب على أعمالها، قائم عليها وعلى كل نفس بما كسبت وبذلك تصبح مستغرقة بملاحظة جلال الله وكماله، شاعرة بالأنس في ذكره، واجدة الراحة في طاعته راغبة في جواره مقبلة عليه معرضة عما سواه، وهذا معنى إسلام الوجه في قوله تعالى ” ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن”
وهو عين ما دعا إليه الله تبارك وتعالى في قوله ” واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه ” وقوله عز وجل ” وكان الله عليكم رقيبا ” وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك” متفق عليه، وهو نفس ما درج عليه السابقون الأولون من سلف هذه الأمة الصالح إذ أخذوا به أنفسهم حتى تم لهم اليقين وبلغوا درجة المقربين وها هي ذي آثارهم تشهد لهم، وقيل للجنيد رحمه الله بما يستعان على غض البصر ؟ قال بعلمك أن نظر الناظر إليك أسبق من نظرك إلى المنظور له، وقال سفيان الثوري عليك بالمراقبة ممن لا تخفى عليه خافية، وعليك بالرجاء ممن يملك الوفاء وعليك بالحذر ممن يملك العقوبة.
وقال ابن المبارك لرجل راقب الله يا فلان فسأله الرجل عن المراقبة فقال له كن أبدا كأنك ترى الله عز وجل، وقال عبد الله بن دينار خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى مكة فتحرسنا ببعض الطريق فإنحدر علينا راع من جبل فقال له عمر يا راعي بعنا شاة من هذه الغنم فقال الراعي إنه مملوك، فقال له عمر قل لسيدك أكلها الذئب، فقال العبد أين الله ؟ فبكى عمر، وغدا على سيد الراعي فاشتراه منه وأعتقه وفي روايه قيل هو ابن عمر رضي الله عنهما، وحُكي عن يعض الصالحين أنه مر بجماعة يترامون وواحد جالس بعيدا عنهم فتقدم إليه وأراد أن يكلمه فقال ذكر الله أشهى قال أنت وحدك ؟ فقال معي ربي وملكاي قال له من سبق من هؤلاء ؟ فقال من غفر الله له قال أين الطريق ؟
فأشار نحو السماء وقام ومشى، وحُكي أن زليخا لما خلت بيوسف عليه السلام قامت فغطت وجه صنم لها، فقال يوسف عليه السلام مالك ؟ أتستحين من مراقبة جماد ولا أستحي من مراقبة الملك الجبار ؟ فاللهم أصلح الراعي والرعية، اللهم اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا أرحم الراحمين، اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين، اللهم يا سميع الدعاء ويا قريب الرجاء يا خير المسئولين ويا خير المعطين، يا من يقول للشيء كن فيكون نسألك لإخواننا المسلمين في فلسطين فرجا قريبا ونصرا عزيزا، اللهم أحسن خلاصهم، اللهم فك أسرهم، اللهم اجبر كسرهم.
اللهم احفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم، وعن أيمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم، ونعيذهم بعظمتك أن يغتالوا من تحتهم، اللهم أطعم جائعهم، واكس عاريهم، وداوي جريحهم، وتقبل شهيدهم، واحقن دماءهم، وكن لهم ظهيرا ومعينا يا من لا يغلب جنده، ولا يخلف وعده.