مقال

عندما تنكشف حقائق النفوس وتبلى الأخبار

جريدة الأضواء المصرية

عندما تنكشف حقائق النفوس وتبلى الأخبار
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 25 أغسطس 2024
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم أما بعد يقول النبي المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه ” وهل يكتب الناس في النار علي وجوههم إلا حصائد ألسنتهم” رواه الترمذي، ويعني ما الذي جاء بالمصائب للناس وأدخلهم الى النار الإ ما يتكلمون به بألسنتهم، نعم حصائد ألسنتهم أصبحت بوابه لهم الى النار فكم من هذه الحصائد في مجالسنا من بذائة بالألفاظ وفحش بالكلام ومن سب ولعن وشتم بأساليب عديدة ومع الأسف لا تطيب المجالس عند البعض.

ولا يحلو الحديث إلا بهذه الأساليب والأنكى من ذلك والأشد وأن بعض النفوس يرون أنه من باب المزاح والتسليه وقضاء الأوقات وتحلية المجالس وما علم هؤلاء أنهم وقعوا بذلك بالفسق وأضاعوا أوقاتهم بل وحمّلوا أنفسهم الأوزار وربما كان الرجل أو المرأة حريصا على سلامة ماله من الربا وسلامة سمعه من الغناء وسلامة يده من الأذى وربما غض بصره وحفظ فرجه تجده لا ينظر الى الحرام ويغض بصره عن الصور التي في المجلات والتي في القنوات لكنه لا يستطيع أن يتحكم في حركة لسانه من إحتقار للناس وإستهزاء بهم ووقيعة بأعراضهم فيأتي يوم القيامة مفلسا، ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن وقوع الفتن فقال ” يتقارب الزمان ويقبض العلم وتظهر الفتن ويلقى الشح ويكثر الهرج قالوا يا رسول الله وما الهرج ؟ قال القتل ” متفق عليه.

فإن الفتن سنة ربانية لا تتبدل، كتبها الله عز وجل على عباده لحكم عظيمة، ومنها تمحيص الصف المسلم، فيظهر الصادق من الكاذب والمؤمن من المنافق وتنكشف حقائق النفوس وتبلى الأخبار، والفتن خطرها عظيم، وشرها مستطير، تهلك الحرث والنسل، وتأتي على الأخضر واليابس، تحيّر العقلاء، وترمّل النساء، وتيتم الأطفال، وتسيل أنهار الدماء، تنزل الويلات والنكبات بالمجتمعات التي تغشاها، وأعظم الفتن ما كان في الدين قال تعالى ” والفتنة أشد من القتل” والفتن تنساق لمن لا يتوقاها انسياب السيل إلى منحدره، ويقول عليه الصلاة والسلام ” ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ومن يستشرف لها تستشرفه ” رواه البخاري ومسلم، أي من تطلع إليها، وتعرض لها، وأتته وقع فيها.

ونحن في عصر الفتن التي أخذت أمواجها تتلاطم بألوان من الأحوال العجيبة، موجات فتن تترى، ومصائب تتوالى، وتقلبات وتغيرات تلوث العقائد والأفكار والأخلاق، فتن الشهوات المحرقة، وفتن الشبهات المضلة، ولقد حذر الله الأمة المسلمة إن هي خالفت ربها ونبيها، وبعدت عن شريعتها أن يفتنها، حيث قال تعالى في كتابه الكريم ” فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم” وهذه الفتنة عامة تشمل مختلف أنواع العقوبات، كانتشار القتل فيما بينهم، أو الزلازل والبراكين، أو تسلط السلطان الجائر عليهم، أو ظهور أنواع من الأمراض، أو الفقر، أو الشدة في الحياة، إلى غير ذلك وهذه الفتنة إذا نزلت فإنها تعم الجميع، فلا يستثنى منها أحد لقوله تعالى ” واتقوا فتنة لا تصيبن الذي ظلموا منكم خاصة”

ويقول المفسرون في معناه واحذروا فتنة إذا نزلت بكم، لم تقتصر على الظالمين خاصة، بل تتعدى إليكم جميعا وتصل إلى الصالح والطالح، أما الطالح فهو عقوبة لذنبه، وأما الصالح فلأنه سكت ولم ينكر على الظالم ظلمه ” والمسلم العاقل الحصيف يهدف إلى تبين الأسباب المعينة على مواجهة الفتن، والعواصم التي تعصمه بإذن ربه من قواصم الفتن ليعد للأمر عدته، ويأخذ أهبته، ويحصّن النفس من الانزلاق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى