مقال

العشرة مع العبادة

جريدة الأضواء المصرية

العشرة مع العبادة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 21 أغسطس 2024
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد، إن النصوص الشرعية وغيرها تدل على حرمة قتل المسلم، أو التعاون على قتله أو الإشارة والدلالة على مكانه ليقتله الكافر، وعقوبة ذلك غليظة عظيمة وهي تكفير من فعل ذلك ومصيره نار جهنم وغضب الله عليه وهو آيس من رحمة الله التي وسعت كل شيء ومع ذلك لم تسع من دل على مسلم ليقتله كافر فأين يذهب أولئك من عذاب القبر وعقاب الحشر، وماذا سيقولون لجبار السموات والأرض ؟ وملك الملوك وقاهر الخلق أجمعين، فإن لم يفعلوا ما أمرهم الله تعالي به من التناصر والمودة فيما بينهم وإلا فلن يرحمهم الله عز وجل.

فقال تعالى ” إنما المؤمنون أخوة فأصلحو بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون” ولقد وضع رسول الإسلام خير الأنام، أعظم الكرام عليه أفضل صلاة وأزكى سلام حقوق الإنسان عندما اجتمعت الأمة في حجة الوداع وحضر مراسيم وضع بنود هذه الحقوق أكثر من مائة ألف مؤمن آنذاك وكلهم روى ما حصل في ذلك اليوم الأغر، وقيل أنه كان لبعض السلف عشرة مع العبادة، حتى إنه ليذرف الدموعَ على فراقها إذا نزل به الموت، فلما نزل الموت بالعابدة أم الصهباء بكت فقيل لها مما تبكين؟ فقالت بكيت حينما تذكرت مفارقة الصيام والصلاة والذكر، بل كانوا يتهمون أنفسهم بالذنوب إذا ما أصابهم الكسل عن العبادة، حيث قال الثوري حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته، وجاء رجل للحسن البصري فقال له يا أبا سعيد إني أبيت معافى وأحب قيام الليل وأعد طهوري فما بالي لا أقوم ؟

فقال ذنوبك قيدتك، فمتى نشعر بالسعادة حينما نلقي بجباهنا على الأرض لله تعالى، ومتى نعوّد أنفسنا أن نشتاق للقاء ربنا في صلاتنا وذكرنا ومتى تحلّق قلوبنا في السماء طربا وفرحا حينما نبذل الصدقة السخية لا نبالي الفقر أو المسكنة ومتى نعود على صدورنا بالراحة حينما نخفض جناح الذل لوالدينا وأهلينا ؟ فإنها العبادة عباد الله طريقنا إلى الفلاح والنصر والشفاء فهنيئا لنا سلوكها وتوخي طريقِها، لأنفسنا وأزواجنا وأولادنا، فإن من رحمة الله تعالى علينا أن جعل لنا من أمرنا كله عبادة نتقرب بها إليه، فألسنا نأكل وألسنا نشرب وألسنا ننام وألسنا نسعى لطلب الرزق والمعيشة وألسنا نقوم على النفقة على الأهل والذرية، فكل هذه الأمور إذا سرنا فيها على منهج النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم تحولت إلى عبادة نؤجر عليها بشرط الإخلاص لله تعالى.

وإن مما يعينك على العبادة أن تعلم ما أعده الله تعالى من جزاء عليها، فهذا يعينك على رفع الهمة في المواصلة عليها، فمن منا يتخيل كم أعده الله تعالى للمسلم من أجر في زيارة المريض على سبيل المثال، ولنحرص على التوسط في العبادة دون إفراط ولا تفريط، كما هي سنته صلى الله عليه وسلم، ولنتذكر أن علينا أن نعرف أننا ما خلقنا إلا لعبادة ربنا في كل أحوالنا فلنعبده ولنصطبر على عبادته عز وجل، واعلموا يرحمكم الله الخوف من الله تعالي هو من المقامات العليّة وهو من لوازم الإيمان، حيث قال الله تعالى “خافوني إن كنتم مؤمنين” وكما قال تعالي ” فلا تخشوهم واخشوني” وكما قال تعالي “إنما يخشى الله من عباده العلماء” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى