من طهران إلى تل أبيب: صواعق الحرب تشتعل … فهل القاهرة محصنة ؟
بقلم د . هاني المصري ———————–
تشهد المنطقة أكثر لحظاتها توترًا منذ عقود بعد اشتعال المعارك المباشرة بين إيران وإسرائيل، وسط قصف متبادل وتهديدات إقليمية متصاعدة. وبينما تراقب القوى الكبرى بحذر، تتجه الأنظار إلى الدول العربية، وعلى رأسها **مصر**، التي تُعد فاعلًا إقليميًا محوريًا.
فما هي “نتائج هذا التصعيد على مصر؟” وكيف يمكن أن تتأثر سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا؟ وهل يضعنا هذا على أعتاب **حرب عالمية ثالثة”؟
خلفية التصعيد الإيراني – الإسرائيلي
بدأت جولة التصعيد الأخيرة عقب هجوم إسرائيلي استهدف منشآت نووية وعسكرية في إيران، تلاه رد إيراني غير مسبوق عبر مئات الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه العمق الإسرائيلي. اتساع نطاق الردود شمل وكلاء إيران في المنطقة، مما زاد من تعقيد المشهد.
— تأثيرات الصراع على مصر .. بين الضغط والفرص
أولًا : التأثيرات السلبية
1 ) الاقتصاد والطاقة
– مصر تعتمد جزئيًا على واردات النفط، وارتفاع أسعار النفط بعد تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز يرفع ” تكلفة الواردات “، ويضغط على الميزانية العامة. – السياحة ، أحد أعمدة الاقتصاد المصري، قد تتأثر سلبًا مع اضطراب أمني إقليمي قد يُضعف ثقة السياح. – قناة السويس ، رغم أهميتها، قد تشهد تراجعًا مؤقتًا في المرور التجاري بسبب مخاوف شركات الشحن من التوترات الإقليمية.
2 ) الأمن القومي
– ازدياد نشاط الميليشيات المرتبطة بإيران في البحر الأحمر والقرن الأفريقي قد يُهدد مصالح مصر البحرية. – احتمال تمدد المعارك أو تسلل عناصر إرهابية في حال تدهور الوضع الأمني الإقليمي.
3 ) التوازنات الدبلوماسية
– حرج دبلوماسي لمصر التي تحاول الحفاظ على علاقاتها مع كلٍّ من الخليج وإيران، دون الانخراط في صدام مباشر أو اصطفاف حاد.
— ثانيًا : التأثيرات الإيجابية المحتملة
1 ) تعزيز دور مصر الدبلوماسي
– مصر تمتلك قنوات حوار مع طهران وتل أبيب على حد سواء، مما قد يضعها في موقع الوسيط الفاعل إقليميًا ودوليًا. – دعم مصر لمبادرات التهدئة قد يُعزّز مكانتها كقوة سلام عربية، ويمنحها ثقلاً أكبر في الأمم المتحدة.
2 ) استفادة من مرور السفن
مع اضطراب الملاحة في الخليج العربي، قد تلجأ بعض شركات النقل إلى الاعتماد على قناة السويس بشكل أكبر، ما يرفع “عائدات العبور” لمصر على المدى القصير.
3 ) الفرصة الصناعية والتجارية
دول كثيرة قد تعيد النظر في سلاسل الإمداد القادمة من الخليج، ما يخلق فرصة لمصر كمركز صناعي بديل لبعض خطوط الإنتاج والتوريد.
— هل اقتربت الحرب العالمية الثالثة ؟
حتى الآن، لا يمكن تصنيف ما يحدث على أنه “حرب عالمية”، رغم أنه يحمل بذور تصعيد واسع مما يجعله بذرة صالحة لإنظلاق حرب عالمية ثالثة قد تعصف بالكوكب بأسره
الخلاصة .. نحن أمام “صراع إقليمي كبير” يحمل خطر التحول إلى “حرب عالمية مصغرة” إذا لم تتدخل القوى الكبرى لكبح التمدد العسكري والسياسي.
وختاماً .. مصر بين الحكمة واليقظة
على مصر أن توظّف مكانتها الجيوسياسية وتوازنها الدبلوماسي لقيادة مبادرة إقليمية للتهدئة. في الوقت نفسه، يتوجب التحوط اقتصاديًا وأمنيًا لأي تداعيات قادمة، لأن استمرار هذا الصراع قد يفرض على الجميع فاتورة باهظة – ولو من بعيد.