مقال

عندما صاح اليهودي بالبشري في المدينة

جريدة الأضواء المصرية

عندما صاح اليهودي بالبشري في المدينة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 14 أغسطس 2024
الحمد لله الذي جعل حب الوطن أمرا فطريا والصلاة والسلام على من ارسله الله تعالى رسولا ونبيا وعلى آله وصحابته والتابعين لهم في كل زمان ومكان، أما بعد لقد كان في الطريق إلي الهجرة النبوية الكثير والكثير من المعجزات ومن الخوارق التي تثبت لنا جميعا نبوة النبي المصطفي صلي الله عليه وسلم، فقد مكث رسول الله صلي الله عليه وسلم وصاحبه في الغار ثلاثة أيام ولما خمدت نار الطلب جاءهما عبد الله بن أريقط في الموعد المحدد فارتحلوا وسلكوا الطريق الساحلي، وفي مشهد من مشاهد الحزن يقف رسول الله صلي الله عليه وسلم بالحزورة على مشارف مكة ليلقي النظرة الأخيرة على أطلال البلد الحبيب، بلد الطفولة والذكريات، يخاطب مكة ويقول “أما والله إني لأعلم أنك أحب بلاد الله إلي وأكرمها على الله ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت”

وفي الطريق يمر صلي الله عليه وسلم بديار بني مدلج وإذا سراقة بن مالك جالس في مجلس من مجالس قومه ، فيقول أحدهم إني رأيت أسودة بالساحل أراها محمدا وأصحابه، ففطن سراقة للأمر لكنه أراد أن يستأثر بالجائزة فقال للرجل إنهم ليسوا هم ولكنك رأيت فلانا وفلانا، ثم لبث سراقة قليلا ثم قام إلى منزله ولبس سلاحه وانطلق مسرعا في أثر الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه، ويبصر سراقة النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم وصاحبه فيدنو منهما ويسمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن ولا يلتفت، ويلتفت أبو بكر رضي الله عنه فيرى سراقة فيقول يا رسول الله أتينا، فيرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وهو ماضي في طريقه لا يلتفت ويقول ” اللهم اكفناه بما شئت اللهم اصرعه”

وكان سراقة يجري بفرسه على أرض صلبة فساخت قدما فرسه في الأرض وكأنما هي تمشي على الطين فسقط عن فرسه ثم قام وحاول اللحاق بهما فسقط مرة أخرى فنادى بالأمان فتوقف رسول الله صلي الله عليه وسلم وركب سراقة فرسه حتى أقبل عليه وأخبره خبر قريش وسأل النبي صلي الله عليه وسلم أن يكتب له كتابا فأمر عامر بن فهيرة أن يكتب له وقال له أَخفي عنا، فرجع سراقة كلما لقي أحدا رده وقال قد كفيتم ما ههنا، فكان أول النهار جاهدا على النبي صلى الله عليه وسلم وكان آخر النهار مدافعا عنه فسبحان مغير الأحوال، وفي الطريق يمر الركب المبارك بخيمتي أم معبد فيسألها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الطعام فتقول والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى والشاء عازب والسنة شهباء فيلتفت النبي صلي الله عليه وسلم.

وإذا شاة هزيلة في طرف الخيمة فيقول “ما هذه الشاة يا أم معبد ؟” فتقول له هذه شاة خلفها الجهد عن الغنم، فقال صلي الله عليه وسلم “أتأذنين أن أحلبها” قالت نعم إن رأيت بها حلبا، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بالشاة فمسح على ضرعها ودعا فتفجرت العروق باللبن فسقى المرأة وأصحابه ثم شرب صلى الله عليه وسلم ثم حلب لها في الإناء وارتحل عنها، وفي المساء يرجع أبو معبد إلى زوجته وهو يسوق أمامه أعنزه الهزيلة ويدخل الخيمة وإذا اللبن أمامه فيتعجب ويقول من أين لك هذا ؟ فتقول له إنه مر بنا رجل مبارك ووصفت له النبي صلي الله عليه وسلم، وفي المدينة سمع الأنصار بخروج النبي صلي الله عليه وسلم فكانوا لشدة تعظيمهم له وفرحهم به وشوقهم لرؤيته يترقبون قدومه ليستقبلوه عند مدخل المدينة.

فيخرجون بعد صلاة الفجر إلى الحرة على طريق مكة في أيام حارة فإذا اشتد حر الظهيرة عادوا إلى منازلهم فخرجوا ذات يوم ثم رجعوا عند الظهيرة إلى بيوتهم وكان أحد اليهود يطل في هذه الأثناء من أطم من آطامهم فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصاحبه مقبلين نحو المدينة فلم يملك اليهودي أن صاح بأعلى صوته يا معشر العرب هذا جدكم الذي تنتظرون، فثار المسلمون إلى السلاح وكان يوما مشهودا وسمعت الرجة والتكبير في بني عمرو بن عوف وكبر المسلمون فرحا بقدومه وتلقوه وحيوه بتحية النبوة وأحدقوا به مطيفين به، والسكينة تغشاه والوحي ينزل عليه “فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى