مقال

أعظم الحقوق على المسلمين كافة

جريدة الأضواء المصرية

أعظم الحقوق على المسلمين كافة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضي وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وأصحابه ومن اهتدي بهداهم إلي يوم الدين أما بعد إن من أعظم الحقوق على المسلمين كافة وأهل العلم خاصة بيان فضل نبيهم المصطفي صلى الله عليه وسلم وعظيم قدره عند الله تبارك وتعالى وعند أصحابه الذين إتبعوه وعاشوا معه ورأوه، وكيف ترجم هذا الجيل هذه المحبة إلى واقع وسلوك، فما أحوج المسلمون اليوم أن يعرفوا حق نبيهم صلى الله عليه وسلم عليهم حتى يحبوه كما أحبه ذلك الجيل ويتبعوه كما اتبعه ذلك الجيل، وإن شئت أن ترى بعض المكانة عند الصحابة رضي الله عنهم فتأمل الوصف الذي رآه عروة ابن مسعود الثقفي سيد من سادات قريش، وهم من أشد خلق الله عداوة له.

حينما جاء يفاوض النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، ولا خفاء على من مارس شيئا من العلم، أو خص بأدنى لمحة من فهم، بتعظيم الله تعالى قدر نبينا صلى الله عليه وسلم، و خصوصه إياه بفضائل ومحاسن و مناقب لا تنضبط لزمام، وتنويهه من عظيم قدره بما تكل عنه الألسنة والأقلام، فمنها ما صرح به الله تعالى في كتابه، ونبه به على جليل نصابه، وأثنى عليه من أخلاقه وآدابه، وحض العباد على التزامه، وتقلد إيجابه، فكان جل جلاله هو الذي تفضل وأولى، ثم طهر وزكى، ثم مدح بذلك وأثنى، ثم أثاب عليه الجزاء الأوفى، فله الفضل بدءا وعودا، والحمد أولى و أخرى، ومنها ما أبرزه للعيان من خلقه على أتم وجوه الكمال والجلال، وتخصيصه بالمحاسن الجميلة والأخلاق الحميدة، والمذاهب الكريمة، والفضائل العديدة وتأييده بالمعجزات الباهرة.

والبراهين الواضحة، والكرامات البينة التي شاهدها من عاصره ورآها من أدركه، وعلمها علم يقين من جاء بعده، حتى انتهى علم ذلك إلينا، وفاضت أنواره علينا، فاعلم أيها المحب لهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، الباحث عن تفاصيل جمل قدره العظيم أن خصال الجلال والكمال في البشر نوعان ضروري دنيوي اقتضته الجبلة وضرورة الحياة الدنيا، ومكتسب ديني، وهو ما يحمد فاعله، ويقرب إلى الله تعالى زلفى، فأما الضروري المحض فما ليس للمرء فيه اختيار ولا اكتساب، مثل ما كان في جبلته من كمال خلقته، وجمال صورته، وقوة عقله، وصحة فهمه، وفصاحة لسانه، وقوة حواسه وأعضائه، وإعتدال حركاته، وشرف نسبه، وعزة قومه، وكرم أرضه، ويلحق به ما تدعوه ضرورة حياته إليه من غذائه ونومه، وملبسه ومسكنه ومنكحه وما له وجاهه.

وقد تلحق هذه الخصال الآخرة بالأخروية إذا قصد بها التقوى ومعونة البدن على سلوك طريقها، وكانت على حدود الضرورة وقوانين الشريعة، وأما المكتسبة الأخروية فسائر الأخلاق العلية والآداب الشرعية من الدين والعلم والحلم والصبر، والشكر والمروءة والزهد والتواضع والعفو والعفة والجود والشجاعة، والحياء والصمت والتؤدة والوقار والرحمة وحسن الأدب والمعاشرة، وأخواتها وهي التي جمعها حسن الخلق، وقد يكون من هذه الأخلاق ما هو في الغريزة وأصل الجبلة لبعض الناس وقد يختلف الناس بعضهم عن بعض في هذه ولكن أن تجمع لشخص واحد فهذا من عظيم الفضل لهذا النبي صلى الله عليه وسلم، ولقد أخذ سبحانه العهد على جميع الأنبياء أن أدركوه أن يتبعوه ويخبروا بذلك قومهم، وبين سبحانه وتعالى أن محمدا صلى الله عليه وسلم أمانا لهم.

مما حرفه أحبارهم وعلماؤهم، وإمتن على البشرية كافة أن بعث رسولا منهم وليس ملكا حتى لا تيأس النفس وتعجز عن العبادة إذ لا طاقة لبشر بمتابعة عبادة مما تقوم بها الملائكة، فكان من فضل الله ورحمته لإقامة الحجة كاملة على خلقه وعباده أن بعث فيهم رسولا يأكل كما يأكلون ويشرب كما يشربون وينام كما ينامون، وقال جعفر ابن محمد، علم الله عجز خلقه عن طاعته، فعرفهم ذلك، لكي يعلموا أنهم لا ينالون الصفو من خدمته، فأقام بينهم و بينه مخلوقا من جنسهم في الصورة، وألبسه من نعمته الرأفة و الرحمة، وأخرجه إلى الخلق سفيرا صادقا وجعل طاعت

ه من طاعته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى