مقال

العالم الإفتراضى

جريدة الاضواء

“العالم الإفتراضى”
بقلم
وفاء عرفه
إن الشبكة العنكبوتية الممثلة فى وسائل التواصل الإجتماعى،أصبحت ركيزة من الركائز الهامة جداً للتواصل بين الأفراد على مستوى العالم، لا ننكر أنها يسرت على الجميع وسائل الإتصال، و معرفة الأحداث وقت حدوثها و تداول الأخبار العالمية، كما ساهمت فى تبادل الثقافات بين المجتمعات المتنوعة، أيضاً من أهم الوسائل للتعارف بين الأشخاص على مستوى العالم، هنا بدأ ظهور ما يمكنني أن أطلق عليه {العالم الموازى}
من منا لا يبدأ يومه بتصفح حسابه الخاص علي الفيس بوك، الحق أقول الجميع و أنا أولهم، لا أبالغ إن قلت أن الأمر أصبح إدمان، هل يستطيع أحد منا أن يأخذ قرار إغلاق حسابه الشخصى؟ بالطبع لا لإنها أصبحت الوسيلة التى حلت محل التواصل الحقيقى بين الأشخاص، بمنتهى السهولة تعرف ما تريد من خلال رسالة و أنت فى مكانك، تكتب ما تريد و تستقبل الإجابة فى لحظات، دون أن ترى أو يراك الآخر إذن نحن بصدد عالم من الخيال، غير ملزم لأحد خاصة بين الأشخاص التى لا تعرفها من الأساس، ربما تلتقى على هذه الساحة بأصدقاء فى منتهى الرقى و العلم و الثقافة، كان من الصعب أن تلتقيهم فى الواقع و هنا تكون من المحظوظين، تتعلم و ترتقى بفكرهم و يفتحون أمامك آفاق جديدة لأشياء عديدة، هؤلاء يعلمون يقين العلم إحترام و خصوصية الآخر، و لا يمكن أن يتعدوا حدود مفهوم التواصل من خلال هذا العالم الجديد، لأنهم من الأساس يعتنقون مبادئ و معايير من الأخلاق للتعامل فى الواقع الحقيقى، لذلك ليس من الصعوبة عليهم التعامل مع الآخرين فى وسائل السوشيال ميديا، يكون التواصل معهم مفيد و محترم و هذا هو الهدف من وراء التعارف، أعلم علم اليقين أن لكل جديد إيجابيات، و قد ذكرت سلفاً مثال على سبيل الذكر و ليس الحصر، إنما للتوضيح حقيقة قائمة بالفعل و ميزة من المميزات الكثيرة للتواصل.
الآن حان الحديث عن الوجه الآخر و هو السلبيات في هذا العالم المتشابك، لا يخفى على أحد منا ما نستيقظ عليه يومياً تقريباً، من أحداث و حوادث السبب فيها إستخدام هذا العالم إستخدامات خاطئة، بدعوى أنه عالم غير مرئى و خفى وغير محكوم بقوانين رادعة، و لعلنا جميعاً نعرف ماذا يحدث بل و أكثر، إنتهاكات كثيرة يندى لها الجبين، و تعديات قميئة دون إحترام لقيم أو أخلاق، و تجاوز للحريات الشخصية و حرية الآخر، و لا نستطيع أن نجبر أحد عن التخلى عن هذه الوسائل، و خاصة أنها أصبحت نوافذ للإتصال و الإبداع و نشر العديد من الأخبار و التعرف علي الأحداث العالمية اليومية، لابد أن نعيد التفكير جيداً و نقف مع أنفسنا و لو قليلاً، و نرضى لغيرنا ما نرضاه لنا، إن هذا العالم الموازى كما ذكرت من قبل، ليس أكثر من قشور خارجية نعرفها عن بعضنا البعض، وينطبق عليه جملة {أنا لا أكذب لكنى أجمل}.
إنها دعوة كريمة للجميع أن نحترم خصوصية بعضنا البعض، و ألا نخترق النفوس و نتطفل عليها، و ندع الجميع فى مأمن عن العبث بمقدراتهم، و ألا نطرق أبواباً لا ناقة لنا فيها و لا جمل، و لا نتطاول بالألفاظ و الأفعال و لا نتخذ الإزعاج وسيلة للتواصل، ليعلم الجميع أن هذا العالم إفتراضى بمعنى أنه غير حقيقى، كل علاقاته من أشخاص لا تعرفهم معرفة شخصية، هم في الحقيقة هاربين من واقع لا يعلمه إلا أنفسهم.
و فى النهاية لا يسعنى غير أن أقول:
أيها العالم الإفتراضى رفقاً بروادك، إنهم لا يدركون أنك عالم موازى..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى