مقال

الدكروري يكتب عن الوفاء والأمة الإسلامية ” جزء 5″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الوفاء والأمة الإسلامية ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الخامس مع الوفاء والأمة الإسلامية، وقد ضرب به المثل في العزة فقالت العرب “هو أعز من الوفاء” وقد أمر الله تعالى به فقال سبحانه ” وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون” والوفاء من صفات الرب جل ثناؤه فقال تعالى “ومن أوفى بعهده من الله” وهو من صفات المرسلين، والوفاء من سمات المؤمنين المتقين، وإن الوفاء مطلوب من المسلم في صور شتى ، فأولها الوفاء مع الله فأعظم الأدب هو الأدب مع الله، وأعظم الوفاء ما كان مع الله، والوفاء مع الله يكون بطاعته، وعبادته، وتوحيده ، فدخولك في الإسلام دخلت في عقد ومعاهدة، وإن شئت قل مبايعة مع الله لها شروط وأحكام ، فمن وفى بها دخل الجنة، فمن أطاع ربه والتزم بشرعه، وامتثل أمره واجتنب نهيه ووقف عند حدوده، وكان من أهل الوفاء مع الله سبحانه الذي أوجده من العدم، ورباه بالنعم، وكرمه وفضله.

 

وأمره أن يعبده وحده دون سواه، فقال تعالى ” وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” ولنعرف قلة الموفين بالعهد مع الله، تلفت حولك ترى المنكرات والموبقات من الكثير على العلن، فأين الوفاء مع الله؟ أين الوفاء مع الله؟ ممن فرط في طاعة الله، فضيع فرائضه واعتدى على حدوده؟ فأين الوفاء مع الله؟ ممن انشغل بدنياه عن عبادة خالقه ومولاه؟ ومن الوفاء مع الله والوفاء مع رسوله صلى الله عليه وسلم، والرسول صلى الله عليه وسلم الذي بذل كل وسعه وتحمل كل عناء من أجل أن يبلغ للعالمين رسالته، فما من خير إلا ودل الأمة عليه، وما من شر إلا وحذر الأمة منه، بين لنا الطريق، وأنار لنا السبيل، وتركنا على المحجة البيضاء الناصعة الواضحة لا يزيغ عنها إلا هالك.قال جل ذكره “لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم”

 

فأين الوفاء منا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وأين نحن من سنته وهديه وشريعته؟ فالوفاء مع الرسول صلى الله عليه وسلم يكون باتباع سنته والتخلق بأخلاقه والاقتداء به والدفاع عن دينه وعقيدته، ولقد ضرب الصحابة الكرام أروع الأمثلة في حسن الوفاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صور الوفاء ، الوفاء مع الوالدين فإن للوالدين فضل عظيم، وحق كبير على أولادهم، إذ لا يخفى على أحد ما يبذله الوالدان من غال ونفيس، وما يتحملانه من نصب وتعب في سبيل نشأة أولادهم وتربيتهم ورعايتهم، فمن حقهم على الأولاد حسن الوفاء بالطاعة والتواضع والإحسان، ومن صور الوفاء أيضا هو الوفاء بين الزوجين، أى بين الزوج وزوجته، فإن وفاء الزوج لزوجته يكون باحترامها وتقديرها، والوفاء بما اشترطه على نفسه لها، فعن غقبة ابن عامر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

” أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج” رواه البخارى ومسلم، وكذلك وفاء الزوجة مع الزوج، الذي جعل الله له حقا عظيما على المرأة، فلا بد أن يعطى الرجل حقه من الاحترام وأن لا تنزع منه القوامة قهرا، وجعل الله بين الزوجين حقوقا لكل منهما على الآخر تضمن بإذن الله استمرار الحياة الزوجية على أحسن حال، ومن صور الوفاء، هو الوفاء مع الناس كافة، فما أشد حاجة الناس إلى الوفاء، في زمن فشى فيه الجحود والنكران في قلوب كثير من البشر، فلا الجميل عندهم عاد يذكر، ولا المعروف لديهم صار يحفظ، فتجد البعض من الخلق، يأخذون ولا يعطون لا يسمحون بضياع نزر يسير من حقوقهم ولا يردون حقوق الناس إلا بعناء، ولو ردوه تجدهم لا يفكروا في رد الجميل، بل يردوه وكأنهم هم أهل الفضل والمنة، وكأنهم ما خلقوا إلا ليأخذوا، لا ليعطوا وما وُجدوا إلا ليستغلوا.

 

لا ليمنحوا وما علموا أن قيمةَ الحياة الحقيقية تكمن في البذل والعطاء من المال والعلم والوقت والجاه، فلو نظرت إلى واقع الأمة اليوم، ستجد كم من الناس من يتكلم، وكم من الناس من يعد، وكم من عهود مسموعة ومرئية ومنقولة، ولكن أين صدق الوعود؟ وأين الوفاء بالعهود؟ فليعلم العبد أنه سيسأل عن وفائه يوم القيامة، فقد قال عز وجل ” وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤلا” فماذا يكون جواب العبد إذا سئل عن وعوده وعهوده وعقوده التي أمره الله تعالى بالوفاء بها وأدائها، فقال سبحانه وتعالى ” وأوفوا بعهد إذا عاهدتم” وقال عز وجل ” يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود” فماذا يكون جوابه وقد أخلف وعده وضيع عهده وخان أمانته؟ فإن الله تعالى أخذ العهد على الخلق وهم في صلب أبيهم آدم عليه السلام، بأن يعبدوه وحده لا يشركون به شيئا، وأمر سبحانه المؤمنين عامة بالوفاء بالعهود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى