عندما يأخذك التفكير طويلا فى الولايات المتحدة الأمريكية كدولة عظمى تحكم العالم أجمع ؛ وكيف أصبحت عظمى تتحكم في شؤون وأحوال الدول وتفرض سيطرتها شرقا وغربا ؛ وتصنع العقوبات الرادعة لمعاقبة الأقطار والأنظمة التى تدور عكس عقاربها أو حتى تخالفها فى الرأى ؛ وكيف تخلع القادة والرؤساء وتسقط الحكومات … !!!
تجد أن الولايات المتحدة الأمريكية عسكريا ليست هى بالقوة المطلقة التى تستطيع أن تحكم العالم وحدها ؛ بدليل أن قوتها العسكرية قد هزمت مرارا وتكرارا ” برا وبحرا ” برا من فيتنام إلى أفغانستان وبحرا من اليمن حيث مضيق ” باب المندب ” ؛ وهذا ليس معناه أنها دولة لا تستحق هذا التعظيم فى قدراتها التحكمية ؛ ولكن معناه أنها دولة قابلة للهزيمة بل وقد تكررت هزيمتها مرارا وتكرارا ؛ وأن قوتها العسكرية ليست وحدها المسؤولة على تربعها على عرش العالم ؛ بل هناك عدة عوامل أخرى قد شكلت سيادة تلك الدولة العظمى .
اولها :
هى الآلة الأعلامية التى أهتمت الولايات المتحدة الأمريكية بتأسيسها بالتوازى مع آلياتها العسكرية الرادعة ؛ فتلك الآلة الأعلامية هى من سوقت إلى العالم أجمع قوة الولايات المتحدة الأمريكية وما تملكه من اسباب رادعة سواء على مستوى الأسلحة الأستراتيچية أو حتى الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية التى بلا شك تمتلك ترسانة هائلة منها ؛ بل حتى سوقت لأسلحة فتاكة غير معلومة قد تكون أستمدت علومها من عالم آخر قد يكون فضائى أو يكون عالم خفي ؛ وقد سوقت آلياتهم الأعلامية لتلك الأفكار بمنتهى البراعة والأحترافية من خلال أنتاج الآفلام الخيالية سواء العلمى منها أو العسكرى أو حتى الدرامى ؛ والذى يحتوى على أسقاطات تبرز تلك القوى ؛ ورصدت ميزانيات ضخمة لتلك الأفلام وحشدت لها كبار النجوم ؛ وأنفقت على الترويج لتلك الأفلام بمنتهى البزخ والخيال ؛ لتثير الأعجاب بتلك الدولة الحاكمة وتجذب الأنظار وتبث الرعب في قلوب المشاهدين خاصة شعوب الدول المعادية وشعوب العالم الثالث ؛ والذى يدور في فلكها ويتخذ حكامها الولايات المتحدة كذريعة لتوطيد أركان حكمهم ؛ سواء بالتخويف منها كدولة مرعبة قوية أو بعقد التحالفات معها وأبراز الحاجة الملحة لذلك التحالف والذى بدونه تجوع تلك الشعوب وتشقى .
ثانيا :
القوى الأقتصادية الهائلة والتى تتحكم فيها الولايات المتحدة الأمريكية بالأضافة إلى تسيد الدولار على قمة التعاملات العالمية على مستوى العالم والذى مكنها من فرض الهيمنة والتلويح بسلاح العقوبات ضد من يخالف ؛ أضف إلى ذلك تحكمها فى رؤوس الأموال وسيطرتها عليها سواء على مستوى الأفراد أو الدول وذلك من خلال التحكم في سعر الفائدة وجذب الأموال الساخنة .
ثالثا :
الهيمنة على الدول الأوروبية والسيطرة على قادتها وأحزابها ؛ حتى صارت تلك الدول وما تملكه سواء على المستوى العسكري أو الأقتصادى ما هى إلا أذناب تحت تصرف الولايات المتحدة الأمريكية بطريقة غير مباشرة ؛ على أعتبار أنها الحليف الأقوى الذى يحكم العالم ؛ وساعد الولايات المتحدة على ذلك وجود قوى معادية كالأتحاد السوڤيتى السابق ” روسيا ” حاليا ؛ وأيضا بروز قوى صاعدة ك ” الصين ” شكلت عدوا محتملا لدول آوروبا التى تدور في فلك الولايات المتحدة الأمريكية ؛ والتى بدورها جعلت الولايات المتحدة الأمريكية هى من يقود الحلف العسكرى المواجه لتلك الأقطاب المعادية وكان هذا الحلف هو بالطبع حلف ” الناتو ” الذى يشكل قوة عسكرية عالمية رادعة ذات أقتصاد قوى يحارب ويهادن بأوامر من البيت الأبيض الأمريكى .
رابعا :
عملت الولايات المتحدة الأمريكية على أنشاء أجهزة أمنية ومخابراتية على درجة عالية من التقدم والأحترافية ؛ بالأضافة إلى ما تملكه من تكنولوجيا وأجهزة تجسس ؛ فقامت بزرع الجواسيس وتجنيد العملاء في كل دول العالم ؛ لأنهم يعلمون جيدا أن من يملك المعلومة له السبق في النصر ؛ كما قامت بزرع الفتن وأجتذاب المعارضين من كل دول العالم ؛ كما جندت دول لتعمل بالوكالة لزرع الفتن وأشعال الحروب فى كل انحاء العالم .
ولو رجعنا للخلف ابان الحرب العالمية الثانية بعد خروج الولايات المتحدة الأمريكية منتصره هى وحلفائها سنجد أن الأنتصار فى الحرب هو أول سطوع لشمس الولايات المتحدة الأمريكية كقوى عظمى ؛ والتى قامت على أثرها بالأستحواذ على العلماء الألمان وتوفير بيئة مناسبة للبحث العلمى سواء على المستوى العسكري أو الصناعى والذى شكل أحد أهم الأسباب فى أنطلاقة الولايات المتحدة الأمريكية نحو تسيد العالم .
مما سبق سرده نستخلص أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تملك كل هذه المقومات التى تجعلها على سدة الحكم والقيادة ؛ ولكن فى المقابل هناك أعداء لها يعملون بكل حماس وجدية لأسقاطها وأزاحتها عن القمة ؛ وقد يأتى ذلك قريبا جدا فتلك الدول تعمل على أسقاط الولايات المتحدة الأمريكية من غير الدخول في حرب مدمرة قد تؤدى إلى هلاك العالم ؛ فهم يعملون على أضعافها من خلال تشتيت تحركاتها وتحالفاتها العسكرية وانهاكها أقتصاديا ؛ والفصل بينها وبين حلفائها من خلال زرع الفرقة ونصب العداء .
كما قامت تلك الدول بدعم حملة الرئيس الحالى ” ترامب ” بعد صفقات سرية مع إدارة ترامب لعلمهم جيدا أن شخصية الرئيس الحالى قد تسهم بطريق غير مباشر فى تطبيق خططهم الرامية لأسقاط الولايات المتحدة الأمريكية .