مقال

الدكروري يكتب عن شهر الجهاد والصبر ” جزء 12″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن شهر الجهاد والصبر ” جزء 12″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثاني عشر مع شهر الجهاد والصبر، وعن عقبة بن عامر رضى الله عنه، قال، قلت يا رسول الله ما النجاة؟ قال “أملك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك” فالانتصار على اللسان وآفاته من عدمه، معيار مهم يعرف من خلاله المؤمن الصائم مدى توفيقه ونجاحه فى مدرسة رمضان، وحصوله على كنوزه ومنحه ونفحاته وجوائزه التي لا تعد ولا تحصى، فاعلموا أن نعم الله كثيرة لا تحصى ولا تعد، ومن نعم الله هو اللسان، فقال تعالى فى سورة البلد ” ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين” فالإنسان بلسانه يذكر ربه، ويتلو القرآن، ويدعو إلى الرحمن ويسبح ويستغفر ربه، ويفصح عما فى نفسه، ويتكلم مع الآخرين، وأما الأخرس لا يستطيع أن يتحدث مع الناس إلا بلغة الإشارة، واللسان سلاح ذو حدين، والمرء بأصغريه قلبه ولسانه.

 

فاللسان من نعم الله علينا أن نشكرها وأن نسخرها لما يحبه ربنا، ولنحذر من آفات وأخطار اللسان، فهى التى تورد الموارد، والإنسان مسؤول عن كل كلمة يقولوها، فيقول الله تعالى ” ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد” فالخير أن يتكلم باللسان بما يحبه ربنا، وأن نحذر من آفات اللسان الكثيرة، ومنها أن يتفوه الإنسان بكلمة الكفر وهو لا يشعر، قد يتكلم الإنسان بالكلمة من السخرية والاستهزاء، فالإنسان ربما يتكلم ويسخر، فيقول النبى صلى الله عليه وسلم “وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بال يهوي بها في النار كما بين المشرق والمغرب” رواه البخارى ومسلم ويقول أيضا “يقول الكلمة لا يلقى لها بالا يهوى بها فى النار سبعين خريفا” فليحذر من السخرية والاستهزاء خصوصا بشيء من أحكام الشريعة ولو على سبيل المزاح، فيحذر الإنسان من هذه الزلة العظيمة.

 

والإنسان يقع بلسانه في الشرك الأكبر، فيذهب إلى الأضرحة والأولياء ولو لم يذهب إليهم يستغيث بهم ويناديهم ويدعوهم من دون الله كما نسمع لمن يقولون، ياسيدى فلان ويستغيثون به، وهو عبد من عباد الله، لا يجلب لنفسه نفعا ولا يدفع عنها ضرا، وأيضا من أخطار اللسان وآفاته القول على الله بلا علم، وهو أخطر من الشرك، كما قرر ذلك ابن القيم رحمه الله، فيقول “لأن الشرك ما وقع إلا بسبب القول على الله بلا علم” فقد أباحوا الاستغاثة والنذر لغير الله، وافتروا على الله، وأجازوا الذهاب للأضرحة والقبور، وأجازوا عبادتهم من دون الله، فالقول على الله خطير، والذي يتحدث عن ربه يوقع عن خالقه، فيقول تعالى كما جاء فى سورة الإسراء ” ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا” بل يجلس الإنسان فى مجلس من المجالس ويصدر فتاوى.

 

ويتحدث بقضايا الأمة، ويفتى الفتاوى الكبيرة التي تعقد من أجلها المجامع الفقهية، ويتدارس العلماء فيها هذه المسألة، وهذا يجلس في المجلس الواحد ويصدر عدة فتاوى، فأقول لمن هذا حاله اتق الله، وقد يبرر بعض الأخطاء، ويدافع عن بعض الأخطاء، فإذا سلم سهمك من هذه الأخطاء ليسلم لسانه، ومن آفات اللسان هو الغيبة، وهي كبيرة من كبائر الذنوب، يصلى الإنسان ويصوم ويتصدق ولكن يهدى الحسنات إلى فلان من الناس وإلى علان من الناس، وقد جاء فى الحديث المرأة التى قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إنها تكثر الصلاة الصيام والصدقة، ولكنها تؤذي جيرانها بلسانها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “هي في النار، هي في النار” وأين من يطلقون ألسنتهم بالسب والشتم لأولياء الله وإلى عباد الله؟ ألا يتقي الله أولئك الذين أطلقوا لألسنتهم العنان يتكلمون بما شاؤوا.

 

والنبى صلى الله عليه وسلم يقول “إياكم والغيبة” قالوا يا رسول الله وما الغيبة؟ قال “الغيبة ذكرك أخاك بما يكره” والله الذى لا إله غيره إن من الغبن أن تأتي يوم القيامة وترى أعمالك الصالحة في ميزان غيرك، ترى من أعمالك الصالحة من صلاة ودعاء واستغفار في ميزان أولئك الذين أطلقت لسانك في سبهم وشتمهم، فاتقوا الله، ومن آفات اللسان هى النميمة، وهى نقل الكلام بين الناس للإفساد بين الناس، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول “لا يدخل الجنة نمام” رواه البخارى ومسلم، ويقول تعالى فى سورة القلم ” ولا تطع كل حلاف مهين، هماز مشاء بنميم” فهو ينقل النميمة بين الناس، فكم من زوج وزوجة تفرقوا بسبب النميمة؟ وكم من صديق وصديق تفرقوا بسبب النميمة؟ وكم من البيوت هُدمت بسبب النميمة؟ ألا فليتق الله أولئك الذين ينقلون الكلام ويفسدون بين الناس، وربما بين الأقارب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى