مقال

الدكروري يكتب عن الملك الأسد سرجون الأكدي “جزء 2”

الدكروري يكتب عن الملك الأسد سرجون الأكدي “جزء 2”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع الملك الأسد سرجون الأكدي، والأكدية أو اللسان الأكدي، هي لغة عراقية قديمة وهي لغة سامية قديمة، ظهرت في بلاد الرافدين، وهى العراق حاليا، منذ ثلاثة ألاف سنة قبل الميلاد وانتشرت لتصبح اللغة الرسمية في الهلال الخصيب، وهي تصنف ضمن مجموعة اللغات السامية الشرقية، وتعد من أقرب اللغات القديمة إلى اللغة العربية، وقد ظلت اللغة الاكدية بلهجتها البابلية الحديثة لغة الخطاب والمكاتبات حتى عام خمسمائة وأربعين قبل الميلاد، وهو العام التي وقعت فيه البلاد بابل وآشور تحت الاحتلال الخاميني الفارسي، وكانت تدون بالخط المسماري فوق ألواح الطين التي يرجع تاريخها للنصف الأول للألفية الثالثة قبل الميلاد، وكانت لهجتان من الأكدية متداولتين وقد ظلتا سائدتين حتى ظهور المسيحية، والملك سرجون الأكدى، هو مؤسس السلالة الأكادية، أوالإمبراطورية الأكدية.

 

وهي إمبراطورية تمركزت في مدينة أكاد وهى سومرية وبالمناطق المحيطة بأكد في منتصف بلاد الرافدين وهى العراق حاليا، وتقع مدينة أكد على الضفة الغربية لنهر الفرات بين زمبير وكيش في العراق وقد أزدهرت الحضارة الأكدية ووصلت ذروتها، عقب غزو سرجون الأكدي، وبسبب السياسات الأكدية نحو الاستيعاب اللغوي، أخذت أكد هذا الاسم من اللهجة السامية الغالبة، وهى اللغة الأكدية، وفي الفترات البابلية القديمة كدليل على وجود نسخة سامية للنصوص سومرية الأصل، والمتحدثون باللغات سامية وجدوا في بلاد الرافدين خلال الألف الثالث قبل الميلاد بالهجرات سامية من بلاد الشام، وسرعان ماحققت الصدارة في بداية حكم السلالة الكيشية وعدد من المواقع شمال سومر، حيث هنالك بدأ الحكام ذوو الأسماء ذات الأصل السامي بإنشاء ممالكهم في الألفية الثالثة قبل الميلاد، وكان واحد من هؤلاء، وجد تزامنا مع آخر حكام سومر، لوجال ساجيسي وهو حاكم أوروك.

 

وهو كان الوشارشيد الذي بكبح النفوذ العيلامين وفقا للنصوص في نيبور، ومن بعدها بداية تكوين إمبراطورية إقليمية، وقد كان سرجون هو أول حاكم لإمبراطوريتي أكد وسومر، ومن الجدير بالذكر أنه قد تم اكتشاف أن هناك توسعات سبقت توسعات سرجون على يد ملوك سومريين، وظهر سرجون في مدينة كيش في نحو عام ألفين وثلاثة مائة وخمسين قبل الميلاد، واستطاع الاستئثار بالسلطة وسرعان ما شكل جيشا فتح به المدن المجاورة لكيش، ولم يقف عند ذلك بل خاض معارك طاحنة ضد لو كال زاكيزى وهو ملك أوروك حتى تغلب عليه وأخضع دويلات المدن السومرية الأخرى وكان ذلك في نحو عام ألفين وثلاثة مائة وأربعين قبل الميلاد، وقد وحد منطقة الهلال الخصيب وأخضع الأناضول وعيلام ومنطقة الخليج العربي.

 

فصارت أقطار الشرق الأوسط تحت حكمه في إمبراطورية شاسعة الإطراف، وأما عن الهلال الخصيب فهو مصطلح جغرافي يطلق على حوض نهري دجلة والفرات، والجزء الساحلي من بلاد الشام، وهذه المنطقة كانت شاهدة لحضارات عالمية، وأهمها العصر الحجري الحديث والعصر البرونزي حتى ابتداء الممالك والمدن في جنوب الرافدين وشمال جزيرة الفرات العراقية وغرب الشام، ويستخدم هذا المصطلح عادة في الدراسات الأثرية، إلا أن له استخدام سياسي أيضا، حيث استخدمه أنطوان سعادة منطلقا من التداخل الثقافي في هذه المنطقة الجغرافية عبر التاريخ، ليبرهن على وجود أمة، واحدة تجمع سكان هذه البيئة الجغرافية، وقد أسس لذلك الحزب السوري القومي الاجتماعي، ونادى بوحدة الهلال الخصيب تحت اسم سوريا الكبرى، وقد أطلق على هذه المنطقة هذه التسمية تميزا لها كمنطقة سامية اللغة، عن منطقة شبه الجزيرة الكبرى.

 

وهى شرق البحر الأحمر سامية اللغة، أيضا، ولكونها منطقة غنية بالمياه وتمتاز تربتها بالخصوبة التي تسمح بالزراعة فيها بسهولة، مما سهل الزراعة فيها ابتداء من الزراعة البعلية، وفي التراث الديني للمنطقة يقال أيضا أن النبي نوح عليه السلام، كان لديه ثلاثة أبناء وهم سام وحام و يافث، وقد أعطى نبى الله نوح عليه السلام هذه المنطقة لابنه سام فلذلك سميّت سامية، وكما حصلت فيها أحداث بشرية مهمة كتطور فكرة الآلهة السماوية، بدلا من عبادة ظواهر الطبيعة، ويستخدم تعبير الهلال الخصيب أيضا للتعبير عن مناطق بداية الحضارات البشرية، وهو المصطلح الذى يعرف الآن مناطق بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين وحصريا العراق وسوريا القديمة، في مجال الدراسات الحديثة، وأما عن حضارات الهلال الخصيب، فقد خرجت حضارات عدة من هذه المنطقة، مبتدئة بالحضارة السومرية، والأكادية، والبابلية، والآشورية، والكنعانية الفينيقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى