أخبار عالميه

غزة تختنق تحت الحرب وتنتظر تسوية متعثّرة.. هل من أفق؟

غزة تختنق تحت الحرب وتنتظر تسوية متعثّرة.. هل من أفق؟

 

عبده الشربيني حمام

 

بينما تتواصل الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، تتزايد التحديات أمام حركة “حماس” على المستويين الداخلي والخارجي، في ظل أوضاع إنسانية متفاقمة ومفاوضات متعثرة، وسط حديث متنامٍ عن تباين في وجهات النظر بين قيادات الداخل والخارج في الحركة.

وتشير مصادر ميدانية في غزة إلى تصاعد التوتر الشعبي داخل القطاع، نتيجة استمرار المعاناة اليومية التي يواجهها السكان، مع شعور متزايد بعدم الرضا عن أداء القيادة السياسية لحماس، لا سيما فيما يتعلق بإدارة ملف المفاوضات.

وتركّز بعض الانتقادات الشعبية على خليل الحية، رئيس وفد “حماس” في مفاوضات الدوحة، بسبب ما يُنظر إليه على أنه تمسك بمطالب تفاوضية لا تنسجم مع الواقع الإنساني الكارثي الذي يعيشه الغزيون.

ويرفض الحية التوقيع على أي مقترح لا يضمن الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وضمان تدفق المساعدات وبدء عملية إعادة الإعمار، في حين ينص مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف على وقف فوري للحرب لمدة شهرين، يتبعه التزام بانخراط تدريجي في مسار يؤدي إلى وقف دائم للقتال.

معاناة إنسانية وشعور متزايد بالإحباط

يعاني سكان غزة من أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث تواجه العائلات نقصًا حادًا في الغذاء والمياه والمستلزمات الطبية، في ظل استمرار الحصار والعمليات العسكرية. وبحسب مصادر محلية، فإن حالة الإحباط تتنامى في أوساط المدنيين، مع تراجع الأمل بالتوصل إلى اتفاق قريب يضع حدًا للدمار المتواصل.

وتشير تقارير نقلتها صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إلى وجود مزاج عام يُحمّل القيادة السياسية لحماس مسؤولية تعثر المفاوضات، إذ يرى البعض أن سقف التوقعات المطروح لا يتناسب مع الواقع الميداني القائم.

وفي أبريل/نيسان الماضي، شهدت مناطق متفرقة من غزة احتجاجات نادرة طالبت بوقف الحرب ودخول المساعدات، تخللتها هتافات مباشرة ضد حماس، من بينها: “حماس برا برا”، في مؤشر على تراجع الغطاء الشعبي الذي لطالما اعتمدت عليه الحركة.

وخلال ما عُرف حينها بـ”جمعة الغضب”، رفع المحتجون لافتات كُتب عليها: “بدنا نعيش بسلام”، و”دماء أطفالنا ليست رخيصة”، و”أوقفوا شلال الدماء”، وسط استمرار التصعيد العسكري وتعثر المفاوضات. ونقلت وكالة “فرانس برس” عن متظاهرين قولهم إن “السكان باتوا يشعرون بالعجز واليأس، وإنه إذا كان خروج حماس من الحكم سينهي الحرب، فعليها أن تتنازل عن السلطة حفاظاً على حياة المدنيين”.

ويرى مراقبون أن حماس تواجه اليوم أزمة تراجع في شعبيتها بشكل غير مسبوقة، نتيجة تبعات الحرب المستمرة منذذ اكثر من سنة ونصف.

ويؤكد المحلل الفلسطيني حسن سوالمة أن “المناورات السياسية لا يجب أن تكون على حساب أرواح المدنيين ومستقبل القطاع”، مشيراً إلى أن الشارع الغزي بات يركّز على مطلب أساسي: إنهاء الحرب بأي وسيلة ممكنة.

تباين في الرؤى بين الداخل والخارج

تعكس تصريحات سابقة لمسؤولين في الحركة وجود تباين واضح في المواقف بين قيادة الداخل، التي باتت تميل إلى الانفتاح على تسوية سياسية تنهي الحرب، وقيادة الخارج التي لا تزال متمسكة بسقف مطالب مرتفع، وفقًا لتقارير صحفية غربية.

وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن عز الدين الحداد، القائد الجديد لحماس في غزة، يواجه تحديات كبيرة في إدارة المرحلة الحالية، في ظل تراجع القدرات العسكرية وشحّ الموارد، لكنه يُظهر استعدادًا للتفاعل مع المقترحات السياسية، انطلاقًا من معايشته اليومية لمعاناة السكان.

تساؤلات حول مستقبل المسار التفاوضي

تطرح أوساط سياسية عدّة تساؤلات حول قدرة القيادة الحالية على بلورة موقف موحّد يُلبي تطلعات الشارع الغزي، ويُعيد تحريك مسار المفاوضات بشكل فعّال. كما يترقّب سكان القطاع ما إذا كانت الجولات المقبلة ستُفضي إلى اختراق حقيقي، أم أن الانقسام السياسي سيُواصل تعقيد فرص الوصول إلى تهدئة.

ومع استمرار الجمود في المسار التفاوضي، يبقى الغزيون عالقين في واقع إنساني ضاغط، وأمل معلّق على اختراق سياسي قد ينهي أشهرًا طويلة من المعاناة، والنزوح، وانعدام الأمن الغذائي.

وبحسب تقارير أممية وطبية، فقد أسفرت الحرب حتى الآن عن مقتل أكثر من 54 ألف فلسطيني، وإصابة أكثر من 110 آلاف آخرين، وتدمير نحو 90% من البنية التحتية، فضلاً عن تشريد مليوني شخص، ونحو نصف مليون يواجهون خطر المجاعة في ظل استمرار الحصار وتعطيل دخول المساعدات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى