خواطر وأشعار

قلب الأمّ كعود المسك

جريدة الأضواء المصرية

هنا نابل بقلم المعز غني

قلب الأمّ كعود المسك كلّما أحترق زاد شذاه

ليست الأم مجرّد كلمة تُقال ، ولا شعورًا عابرًا يمضي ، بل هي وطن صغير يحتويك حين يضيق بك العالم ، هي اليد التي تمسح الحزن عن وجهك ، والقلب الذي ينبض بحبك دون شروط.
قيل: ” قلب الأمّ كعود المسك ، كلّما أحترق زاد شذاه ” وهل هناك تشبيه أصدق … ؟ ، فكلّما أتعبتها الحياة إزدادت عطاءً وكلّما أثقلتها الأوجاع، إزدادت حنانًا.
هي وحدها من تهبك عمرها دون أن تنتظر جزاءً ، تسهر لتنام ، وتجوع لتشبع ، وتتعب لتهنأ كلّ أمّ هي بطلة خفية تصنع المستحيل بصمت ، وتخفي دموعها خلف إبتسامة كي لا تقلقك ، وتبني في قلبها ألف دعاء كي لا يمسك سوء.
” ليس في العالم وسادة أنعم من حضن الأم “، كم صدقت هذه العبارة … ! ففي حضنها ينتهي الخوف ، ويذوب الحزن ويبدأ الأمان.
كم من ليالٍ مرّت كنا فيها على حافة الانهيار فأنقذنا حضنها قبل أن تلتقطنا الهاوية ؟ هو حضن لا يشبه سواه دفؤه لا يُقارن ، وسكينته لا تُستبدل.

في غيابها ، يصبح البيت صامتًا كأن الحياة تفتقد نبضها وفي حضورها كلّ شيء ينبض دفئًا.
الأم ليست فقط من تنجب ، بل من تحبّ بلا قيد وتعطي بلا مقابل ، وتغفر بلا تردد.
قلبُ الأمّ… يا لهذا السرّ السماويّ الذي لا يُفكّ طلاسمه …!
قلبٌ الأم … يشتعل وجعًا ليُضيء دروبنا ، يحترق صبرًا ليمنحنا الدفء كعودِ المسك ، كلّما أحترق زاد شذاه وكلّما نزف نبضًا ، فاح حنانًا لا يُضاهى.
هي الأم … وطنُ الأرواح ، نبعُ البدايات ، ونهايةُ كلّ تعب.
فيها أجتمعت ألوان الحنان ، وسكنت كلّ معاني الرحمة ، لا تطلب لا تشتكي ، لا تنكسر إلا خفية وتمضي في تعبها كأنها خُلقت له ، وتبتسم كأن الحزن لا يطرق بابها.

حين نذبل ، تمدّ كفّها كغيمة تمطر دعاءً ، وتُظلّل خوفنا بالأمان.
في ليالي البرد ، لا دثار يُغني عن حضنها ليس في العالم وسادةٌ أنعم من حضن الأمّ ، فهو الأرجوحة التي تأرجح بها قلبك منذ أن خُلق ، وهو الأرض التي لا تزلزلها خيباتك ، بل تزداد ثباتًا كي لا تقع وحين تُرهقنا الحياة ، ونرجو مرفأً لا يسأل ولا يُعاتب ، نعود إليها. لنغرق في حضنها كما يغرق الطفل في حلمه ، نغلق أعيننا، ونطمئن : ما دمنا في حضنها لن يصيبنا سوء.
الأمّ ليست فقط نبضًا في الجسد ، بل موسيقى في الروح وريحانًا يعبق في زوايا العمر.
نكتب عنها فتضيق بنا الحروف
نرسمها فتخوننا الألوان.
ونهمس بإسمها… فيبتسم القلب بلا وعي.
فيا من نُحبّك حبًا لا يُقال … دمتِ لنا شذى لا ينضب ودثارًا لا يبلى ، ونورًا لا يخفت…
دمتِ أمًّا.

فلنُمسك بأيدي أمهاتنا ولنهمس في آذانهن كل يوم
” شكرًا لأنكِ أنتِ … يا من لا تتكررين ولا تُعوّضين.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى