مقال

الانسحاب من القمة العربية ( متعوده دايما)

جريدة الأضواء المصرية

الانسحاب من القمة العربية
( متعوده دايما)
بقلم 🖋
اد فتحي الشرقاوي
يعد رئيس الدولة أو أمير أو ملك او سلطان البلاد هو أعلى نقطه تمثيل سياسي لبلده وبالتالي فإن كل مايصدر منه من أقوال وتصرفات حتى لو كانت على هامش المؤتمرات في لقاءات جانبية مع غيرة من الرؤساء والملوك ومهماكانت بساطتها سواء بشكلها المقصود أو دون ذلك، إنما تمثل رسائل قوية لسياسة البلد الذي يمثلها في هذا المحفل أو ذاك ومن ثم تخضع تصرفاته للملاحظه والتحليل من كافة الجهات المعنية المتخصصة( مراكز بحوث وقياسات الرأي العام واتخاذ القرارات) وكذلك من خلال المتابعين من أفراد غير المتخصصين في مجال السياسة بشقيها الداخلية والخارجيه معا (الرأي العام)
من هذا المنطلق يمكننا
الحكم على سياسة دولة ما من خلال السلوك العام لرئيسها أو ملكها أو اميرها أو سلطانها وفقا للمسمى الخاص به إبان تواجده في المؤتمرات الدوليه ورصد تصرفاته واقوله وتصريحاته وسنتناول هنا انسحاب سمو أمير دولة قطر للقمة العربيه ال٣٤ المنعقدة منذ أيام في بغداد فعلى سبيل المثال تغيب بعض الرؤساء عن حضور قمة بغداد العربيه خاصة في ظل الظروف الملتهبة في المنطقة إقليميا ودوليا ،قد يحمل العديد من علامات الاستفهام والتي تفتح بدورها الطريق للتكهنات الشعبوية بعيدا عن اروقة ودهاليز عالم السياسة بشكلة الرسمي
هل عدم حضور كل هذا العدد من رؤساء الدول العربية كان لإحساسهم بعدم جدوى اللقاء ومن ثم جاء الامتناع أم أن.عدم حضورهم جاء بمثابة تنفيذ لاجندات دوليه ضغطت عليهم ومنعتهم عن الحضور
كل هذه الاحتمالات مفتوحه وقابله للتفسير فمن تغيب من الرؤساء قد نجد لديه مبرره في ذلك،وهذاالوضوح والامتناع عن الحضور يمثل موقفا ينبغي احترامه وتقديرة،لكن مبعث الغرابه ان يحضر رئيس الموتمر ثم يغادر منسحبا بطريقة ما اقل ما توصف به عدم احترام الدولة المستضيفة
،سمو الأمير تميم حضر الافتتاح البروتوكول للمؤتمر وإلتقط صورة الحضور الجماعي للروساء والملوك ثم فجأه يقرر مغادرة قاعة المؤتمر حتى قبل إلقاء كلمة بلاده، بشكل أقرب إلى الدراما منها إلى الأصول المرعيه في عالم السياسة والدبلوماسية
هذا مافعله سمو الأمير تميم أمير دولة قطر،قرر فجأة الانسحاب أثناء كلمة أبو الغيط( القمة ٣٤ ببغداد) ،خاصة عندما أشار إلى خطورة الجماعات المتطرفة على أمن وسلامه البلدان العربيه، ونظرا لان ذاكرتنا (سمكية) فإننا سرعان ماننسى
أو نتناسى أن مشهد هذا الإنسحاب الغريب بل والممعن في الخروج على كافة الأعراف المنظمة للمؤتمرات الدولية العربية حدث من قبل بطريقة تصل الى حد التطابق الكربوني لنفس سمو الأمير تميم إبان حضورة الجلسة الافتتاحية الثلاثين للقمة العربية المنعقدة عام ٢٠١٩ بتونس،،هنا نجد انفسنا أمام ظاهرة بدأت في الشكل ولا نستطيع التعامل معها بمنطق العفوية والتلقائية والأمر الطارئ بدليل تكرار نفس المشهد الصادم مرتان تين بنفس الحيثية والمعطيات والشكل،الأمر الذي يدفعنا لطرح بعض التفسيرات من واقع تخصصنا في علم النفس السياسي،وعليكم تباعا تبني اي من تلك التفسيرات أو إضافة تفسيرات اخرى عليها ترونها اكثر معقوليه ،أو حتى رفضها جميعها،،
التفسير الأول:
هناك مايطلق عليه في عالم المشاهير سواء في مجال الرياضة أو الفن أو السياسة مايُطلق عليه ( اخذ اللقطة وسرقة الكاميرا ) حيث يقوم شخص ما مشهور بتواجده في مجال ما ،بعمل تصرف أو سلوك يغلب عليه الخروج على النص المعتاد بشكل دراماتيكي لافت للنظر ،لكي يضمن بعدها أن تلك اللقطة الغريبة ستصبح بمثابة الترند سريع الانتشار في العالم كله بعد ثواني معدودات، لكي يصبح بعدها حديث العالم اجمع.، هنا السؤال هلسمو الامير تميم في حاجه الى مثل هذا الإجراء الإعلامي الدعائي شديد السذاجة لكي ينتشر اسمه في جميع أنحاءالعالممن خلال الميديا المأجورة.. خاصة إنه قبلها بيومين كان يتصدر جميع وكالات انباء الدنيا في مقابلته لترامب وكرمه الحاتمي الطائي معه
التفسير الثاني
توصيل رسالة شديدة اللهجه لمنظمي المؤتمر بالاعتراض على سوء التنظيم وعدم مراعاة اسماء وحجم أصحاب الكلمات الممثلين لبلدانهم، ولنا هنا وقفة فمن المتعارف عليه ان وزارة الخارجية التابعة لكل دوله ترسل مندوبها للاتفاق على كافة تفاصيل انعقاد القمه بداية من استقبال الروساء والملوك في المطارات واقامتهم ومرورا بكافة الاجراءات الخاصة بترتيب كلماتهم ونهايه بالصورة التي ستجمعهم معا في قمتهم الفاشله😁من سيقف في الصف الاول في المنتصف ومن على اليمين والشمال ومن في الصف الخلفي.الخ.. هنا السؤال اذا كانت كل تلك الاعتبارات التمهيدية معروفة مسبقا حتى قبل وصول سمو الأمير للقاعة وحضورك الجلسة الافتتاحية
،فكيف نفسر انسحابه غير المبرر على إجراءات كان يعرفها من قبل المجيئ
التفسير الثالث
رسالة شديدة اللهجة للرد على بعض الاتجاهات السياسية المناهضه والمغايرة لاتجاه سمو الأمير السياسية ووجهة نظرة للصراع الدائر حاليا في المنطقة، وهنا ينبغي التوقف قليلا اذا مارح هذا الاستنتاج ،أليس لم يكن في مقدور سمو الأمير نقد أو دحض اي إتجاه يراه مغايرا له دون تشنج أو اللجوء للميكانيزم الطفولي ( الانسحاب)
التفسير الرابع
وصول سمو الأمير إلى درجة من تورم وتضخم الأنا يدفعه للشعور بالفوقيه على البلد المنظمه ،والمؤتمر المنعقد برمته بما يضمه من قامات رفيعة المستوى تمثل قمم السياسة في بلدانهم
تلك كانت بعض وليس كل التفسيرات
مجردخاطره
ا.د.فتحي الشرقاوي
أستاذ علم النفس السياسي
جامعة عين شمس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى