الحمد لله الملك القدوس السلام، مجري الليالي والأيام، ومجدد الشهور والأعوام، أحمده تعالى وأشكره على ما هدانا للإسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جعل شهر المحرم فاتحة شهور العام، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله سيد الأنام، وبدر التمام، ومسك الختام، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله البررة الكرام، وصحبه الأئمة الأعلام، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب النور والظلام، فاتقوا الله عباد الله وتمسكوا بدينكم، فهو عصمة أمركم وتاج عزكم ورمز قوتكم وسبب نصركم، واعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، إن سيرة أمهات المؤمنين اللواتي نزلت النصوص في بيوتهن، وكن التطبيق العملي لهذه التعاليم، طبقن ذلك تحت سمع وبصر.
النبي صلى الله عليه وسلم فسددهن وعلمهن، وأطلقهن معلمات لنساء ذلك الجيل، ومرشدات لأجيال النساء فيما بعد، ومن أمهات المؤمنين هي السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها، وهي حفصة بنت عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبدالله بن قريط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي، وأمها زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب وولدت وقريش تبني البيت قبل مبعث النبي المصطفي صلى الله عليه وآله وسلم بخمس سنين، وقد نشأت السيدة حفصة رضي الله عنها مثل أبيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه بما يتميز به من جرأة وصلابة وقوة في الشخصية وكلمة نافذة واثقة، وقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها في وصف حفصة أنها ” بنت أبيها ” وكان أهم ما تعلمته حفصة القراءة والكتابة وإجادتها، ويعد هذا شيئا غير عادي في ذلك الوقت.
وقد تزوجت خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي، وهاجرت معه إلى المدينة ولكنه مات، وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم من السيدة حفصة في شعبان على رأس ثلاثين شهرا ” قبل أحد، وقال أبو عمر تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة ثلاث من الهجرة، وقيل تزوجها سنة اثنتين من التاريخ، وطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ عمر ذلك فحثا على رأسه التراب، وقال ما يعبأ الله بعمر ولا ابنته، فنزل جبريل عليه السلام من الغد فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة بعمر، وأوصى إليها أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وأوصت هي إلى أخيها عبد الله بما أوصى به عمر، وبصدقة تصدقت بها، وأمها هي زينب بنت مظعون الجمحي القرشي، وكان من فضلها ومكانتها ما رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
وأهل السيرة وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم طلقها، فأتاه جبريل عليه السلام فقال ” إن الله يأمرك أن تراجع حفصة فإنها صوّامة قوّامة، وإنها زوجتك في الجنة” وعندما نذكر السيده حفصة رضي الله عنها فلابد أن نذكر فضلها العظيم على الإسلام وعلى المسلمين حيث أول من احتفظت في بيتها بكتاب الله تعالى وهو القرآن الكريم وذلك على ألواح وجلود وعظام وشقف، وبهذا حفظت للمسلمين القرآن، ومن أمهات المؤمنين هي السيدة زينب بنت خزيمة رضي الله عنها وهي زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة العامرية القيسية، فهي هلالية قيسية، وأمها هي هند بنت عوف بن الحارث بن حماطة، وكانت من أكرم العرب أصلا ونسبا، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان سنة ثلاث من الهجرة.
وكانت تسمى أم المساكين في الجاهلية، حيث إشتهرت بالسخاء والكرم الزائد والعطف على الفقراء والمساكين وأن فضيلة الحب والرحمة والرفق بالفقراء والمساكين هي من الفضائل المتأصلة في نفسها رضي الله عنها وكان دخوله صلى الله عليه وسلم بها بعد دخوله على حفصة بنت عمر ثم لم تلبث عنده إلا شهرين أو ثلاثة، وتوفيت في حياته عليه الصلاة والسلام في آخر ربيع الآخر، ودفنت بالبقيع وكان سنها يوم توفيت نحو ث