مقال

أسباب نجاح الهجرة النبوية المباركة

جريدة الأضواء المصرية

أسباب نجاح الهجرة النبوية المباركة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي تقدس في أزليته وأبديته عن النظير والشبيه، وتنزه في جماله وجلاله عن مقالات أهل التمويه، الغنى عن خلقه، فلا أمد يحصره، ولا أحد ينصره ولا ضياء يظهره ولا حجاب يخفيه فهو الواحد الأحد القدوس الصمد الذي لا شك فيه، وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو علي كل شيء قدير، فسبحانه سبحانه إذا أدخل عباده الجنة، يقول عبادي هل رضيتم بنعمتي فها أنا منكم قاب قوسين أو أدنى، تملوا بوجهي وإنظروا ما منحتكم فمن نال منـى نظرة فقد إستغنى، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، إنتخبه من أشرف القبائل، وزينه بأكمل الفضائل، وجعل أتبعه من أشرف الوسائل، يارب بالمصطفي خير الأنام ومن له الشفاعة أنقذنا من الوحل، يارب شفعه فينا يوم تبعثنا.

فنحن من خوف في غاية الخجل، يارب إغفر لنا كل الذنوب به وامنن وسامح فهذا غاية الأمل، وعلي اله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته وإقتدى بهديه واتبعهم بإحسان إلي يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين ثم أما بعد لقد كان من أسباب نجاح الهجرة النبوية المباركة هو تجهيز الوسائل الضرورية قبل الموعد بزمن كافي، لتفادي السرعة والإرتباك، الذين قد يحصلا لحظة الهجرة، ولذلك جهزت الراحلة قبل الموعد بأربعة أشهر، وبسرية تامة، وإتقان دور المخادعة والمخاتلة الحربية، لضمان تحقيق المهمة بغير مفاجآت، كتكليف علي بن أبي طالب بالنوم في فراش النبي صلى الله عليه وسلم، تمويها على المشركين وتخذيلا لهم، وهذا دور الفتيان الأقوياء، وأيضا إشراك النساء في إنجاح الهجرة بما يناسب دورهن.

حيث تقول السيدة عائشة رضي الله عنها متحدثة عن نفسها وأختها أسماء ” فجهزناهما أي الراحلتان والجهاز هو ما يحتاج إليه في السفر، وصنعنا لهما سفرة أي الزاد الذي يصنع للمسافر، في جراب أي وعاء يحفظ فيه الزاد ونحوه، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها، فربطت به على فم الجراب، فبذلك سميت ذات النطاقين” البخاري، وأيضا تخصيص حيز للأطفال لإبراز دورهم في هذا الحدث العظيم، ويمثله دور عبد الله بن أبي بكر، الذي كان يتقصى أخبار قريش، وينقلها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه وهما في غار ثور، ومن جميل التخطيط، هو تكليف الراعي عامر بن فهيرة أن يسلك بقطيعه طريق الغار، ليزيل آثار الأقدام المؤدية إليه، ثم يسقي النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه من لبن غنمه، وكما أن من كمال التخطيط هو أن إتخذ النبي صلى الله عليه وسلم.

عبد الله بن أريقط دليلا عارفا بالطريق ولو كان مشركا، مادام مؤتمنا، متقنا لعمله، ولذلك أرشدهم بمهارته إلى اتخاذ طريق غير الطريق المعهودة، وتبقى أعظم محطة في هذا التخطيط البارع، وهي تهييء التربة الصالحة في المدينة النبوية، لإستقبال النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فكان لا بد من إختيار عنصر يجمع بين الكفاءة العلمية، والشجاعة النفسية، والجرأة الدعوية، والفطانة التواصلية، بحيث يستطيع أن يدخل الإسلام إلى كل بيت من بيوت المدينة، على أن تتم هذه العملية في غضون سنة، فإختار النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم لهذه المهمة الجريئة الصحابي الجليل مصعب بن عمير، الذي يعتبر نموذجا لتربية الإسلام للشباب المترفين المنعمين من أبناء الطبقا

ت الغنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى