في حياتنا نقابل أشخاصًا نتعلّق بهم بصدق ، ونحبّهم بعمق ، ونظن في لحظة صفاءٍ عابرة أننا قادرون على أن نصنع منهم الصورة التي نتمناها..
نحاول أن نُهذّب طباعهم ، نُعيد ترتيب أفكارهم ، نُبدّل فيهم ما لا يروق لنا ، ظنًّا منّا أن الحب أو القرب أو الإصرار كفيل بأن يُغيّرهم..
ولكن الحقيقة المؤلمة أن لا أحد يتغيّر لأجل أحد ، إلا إذا أراد هو ذلك..
إن القلوب لا تُعاد برمجتها كالأجهزة ، والنفوس لا تُصقل بالإلحاح.. التغيير الحقيقي ينبع من الداخل ، من قناعة شخصية ، من ألم داخلي ، من رغبة حقيقية في التغير، لا لأن أحدهم أراد ، بل لأن الذات قرّرت..
نحن لا نُخلق نسخًا متطابقة ، بل أرواحًا مختلفة ، لكلٍّ منا ظلّه الخاص ، ونظرته المختلفة للحياة ،
فحين تحاول أن تُغيّر الآخر ليُشبهك ، فإنك في الحقيقة تمحو جزءًا منه لتحصل على نسخة منك ، وحينها هل ستظل تحبّه؟ أم أنك أحببت ما ظننته فيه ، لا حقيقته؟
من المحبة الصادقة أن نقبل الآخر كما هو ، بضعفه وقوّته ، بفوضاه ونقائه..إنْ كنتَ لا تزال تبحث عن شخص يشبهك فهذا لأنك لم تعثر على نفسك بعد.
لا تُهدر طاقتك في معركة خاسرة تحاول فيها أن تُغيّر شخصًا ليليق بك ، بل ابحث عمّن يليق بك كما أنت ، ويليق به قلبك كما هو..
فالعلاقات لا تُبنى على التعديل ، بل على القبول ، والتقدير ، والرغبة المشتركة في التفاهم .