
حكاية مدينة جيري الإسلامية في الصين
كتبت نسمة سيف
من المعلوم تاريخياً أن كثيراً من بلاد الصين، كان قد دخلها الإسلام في العصور الوسطى، خاصة عندما عبر كثير من التجار المسلمين للسفر إلى الصين، وقد خط طريقهم هؤلاء التجار بحاملٍ يتكل الدين، حيث استقبلوا ونشروا الإسلام في ربوع هذه البلاد. إضافة إلى ما هو معروف من جذور إسلامية عميقة بالبلاد الصينية في العصور الأولى للإسلام.
إن الوجود الإسلامي في الصين، قد صاحبه انتشار الطرق الصوفية، بفضل أولئك المتدينين الزاهدين. ومما يدعو على الدهشة حقاً أن نكتشف أن بقايا الطرق الصوفية ما زالت موجودة إلى الآن في بعض بلاد الصين، بل إسلام المرء في هذه البلاد صار يتجسد في الامتناع عن كل ما حرّمه الإسلام من مأكولات أو مشروبات، مما يعد فاصلاً بين الإسلام والكفر، إضافة إلى أن الرجل والمرأة من مسلمي الصين ما زال يحمل اسميه، أحدهما الاسم الصيني والثاني الاسم الإسلامي!!
كل هذه التقاليد الإسلامية تحتفظ بها لدى مواطني مدينة “جيرى” ذات الأغلبية المسلمة، التي تنتشر فيها الطرق الصوفية، مثل الطريقة الخُوئية، والطريقة الجهرية، والطريقة القُبَّشندية، وحيث تميز كل طريقة بأسلوبها.
التصديق، خاصة في طريقة تلاوة القرآن الكريم، ففي حين نرى الطريقة الخفية تتلو القرآن بصوت خفيض، إذ بنا نرى أصحاب الطريقة الجهرية يُجهرون القرآن بصوت جهوري.
وفي كل حال، فإن مدين “جيري” ولكنّا الطريقتين الصوفيتين، يختلف عما هو معروف في عالمنا العربي، فالصوفيون القدماء هم المتمسكون بكل التقاليد القديمة والمحافظة. مثال على هذا الأسلوب البديع في قراءة القرآن الكريم في الصين، والصيام على التقويم الصيني، ومظاهر أخرى لا تمس أصول الشريعة الإسلامية.
ومن المناسب هنا، أن نذكر أن المسلمين في مدينة “جيرى”، يتبع بينهم أن أعمدة الدين أربعة، هي الإمام، والخطيب، والمؤذن، وخادم المسجد. والإمام غير الخطيب، حيث يخطب كثير من المساجد الصينية، بحيث يلقي الخطيب خطبته يوم الجمعة مثلاً، ولكن الإمام هو الذي يقوم بتلقين المصلين. كما أن الإمام له وضع خاص ومتميز في مجتمعات المسلمين ببلاد الصين، وحتى في حياتهم اليومية، فعندما يُرزق الشخص، وعندما يتزوج، وحتى يموت، وتُخرج جنازته ويدفن.