ورش الحكي: نافذة إلى عالم المعرفة وتشكيل الوعي لدى الأطفال
كتب/ مصطفى رشوان
في عصرٍ مليء بالتكنولوجيا السريعة والتغيرات المتلاحقة، يظل الحكي وسيلة أصيلة لنقل المعرفة وترسيخ القيم في وجدان الأطفال، فثقافة الحكي ليست مجرد رواية قصص، بل هي فن يهدف إلى تعزيز الفهم، وتحفيز الخيال، وترسيخ المفاهيم الأخلاقية والتربوية بطرق ممتعة وجذابة.
ـ أهمية ورش الحكي للأطفال:
تمثل ورش الحكي مساحة إبداعية يتفاعل فيها الأطفال مع القصص بطريقة مباشرة، حيث تساعدهم هذه التجربة على تطوير مهاراتهم اللغوية والمعرفية والاجتماعية، من خلال الاستماع إلى القصص والسرد الحي، يتعلم الأطفال كيفية تحليل الأحداث، وربطها بواقعهم، وتنمية قدرتهم على التعبير عن أنفسهم. كما تساهم في بناء علاقة قوية بين الطفل والكتاب، مما يعزز من شغفه بالقراءة ويجعله أكثر قدرة على فهم واستيعاب النصوص المكتوبة.
ـ المفهوم القرائي ودوره في تنمية الأطفال
القراءة ليست مجرد فك رموز الكلمات، بل هي عملية تفاعلية تتطلب فهم النصوص والقدرة على تحليلها وتطبيقها في الحياة اليومية، عندما يتم تقديم القصص بأسلوب شيق ضمن ورش الحكي، يصبح الطفل قادرًا على استيعاب المفاهيم المطروحة بسهولة أكبر. كذلك، تلعب القراءة دورًا محوريًا في توسيع المدارك، وزيادة حصيلة المفردات، وتعزيز التفكير النقدي لدى الطفل، ما يساعده على استيعاب المحتوى المكتوب بشكل أكثر عمقًا وتأثيرًا.
ـ تطبيق آليات الحكي للأطفال:
هناك عدة طرق يمكن من خلالها تطبيق ورش الحكي بطريقة فعالة، ومنها:
1.السرد التفاعلي: إشراك الأطفال في القصة من خلال طرح الأسئلة عليهم، أو جعلهم يشاركون في سرد الأحداث، مما يعزز انتباههم ويجعلهم أكثر تفاعلاً مع المحتوى.
2.التمثيل المسرحي: تحويل القصة إلى مشهد تمثيلي يشارك فيه الأطفال، ما يساعدهم على فهم الأحداث بطريقة عملية وتجعلهم يعيشون تفاصيل القصة بشكل أقرب للواقع.
3.استخدام الوسائل البصرية: إدخال الصور والرسومات المرافقة للنصوص لتعزيز فهم الطفل للمحتوى، كما يمكن استخدام الكتب المصورة لجعل التجربة أكثر متعة وجاذبية.
4.إعادة سرد القصة بأسلوب الطفل: تشجيع الأطفال على إعادة رواية القصة بأسلوبهم الخاص، مما يطور قدرتهم على التعبير اللغوي ويزيد من مهاراتهم في صياغة الأفكار بطريقة واضحة.
5.الربط بين القصة والواقع: جعل الطفل يربط أحداث القصة بتجربته اليومية من خلال مناقشة الدروس المستفادة، وهو ما يعزز من قدرته على التفكير النقدي واتخاذ قرارات صحيحة.
ورش الحكي ليست مجرد جلسات ترفيهية، بل هي أدوات قوية في تنمية الأطفال أكاديميًا ووجدانيًا، فمن خلالها، يمكن أن نزرع في الطفل حب المعرفة والقراءة، ونعزز مهاراته اللغوية والاجتماعية، ونجعله أكثر وعيًا بمحيطه، إن ثقافة الحكي يجب أن تكون جزءًا من العملية التربوية والتعليمية، لأنها تفتح أمام الأطفال أبوابًا جديدة للاستكشاف والتعلم، وتساهم في بناء جيل قوي قادر على التعبير والإبداع.