أخبار عالميهأخبار مصرأسواق المالمقال
أخر الأخبار

تطوير ممر النقل بين آسيا وأوروبا عبر السعودية و«إسرائيل»: أثره على قناة السويس

يكتب ✍✍✍ دكتور / علي جمال عبد الجواد مدرس أدارة الأعمال والمالية .

في وقت تشهد فيه التجارة العالمية تطورات كبيرة، ظهر مشروع تطوير ممر النقل بين آسيا وأوروبا عبر السعودية و«إسرائيل»، الذي يهدف إلى تسريع حركة البضائع وتعزيز التكامل الاقتصادي بين القارات. يشمل المشروع طرقًا برية، سكك حديدية، ممرات بحرية، وكابلات ألياف ضوئية. هذا المشروع يطرح تساؤلات مهمة حول تأثيره على قناة السويس، التي تعتبر شريانًا رئيسيًا للنقل البحري، والأثر المحتمل على دخل مصر.

تفاصيل المشروع

يهدف المشروع إلى ربط الهند بالشرق الأوسط وصولًا إلى أوروبا عبر السعودية و«إسرائيل»، ويتضمن:

  • شبكة السكك الحديدية والطرق البرية: تربط الهند بالمملكة العربية السعودية و«إسرائيل»، مما يسهل نقل البضائع بسرعة أكبر.

  • ممرات الشحن البحرية: توفير طرق بحرية بين الموانئ الهندية والعربية.

  • كابلات الألياف الضوئية: تعزيز الاتصال الرقمي وتبادل البيانات بين الدول المعنية.

  • خطوط إمدادات الطاقة: تأمين الغاز والكهرباء عبر الممر الجديد لدعم الأنشطة التجارية.

الأثر على قناة السويس

التأثير على حركة التجارة

تظل قناة السويس الممر البحري الرئيسي لنقل البضائع بين آسيا وأوروبا، ولكن مع تقدم مشروع الممر الجديد الذي يربط بين الشرق والغرب عبر طرق برية، فإن هذا سيتسبب في بعض التحديات. من المتوقع أن:

  1. انخفاض حركة السفن عبر قناة السويس: إذا نجح مشروع الممر البري، قد تقل الحاجة إلى النقل البحري عبر قناة السويس، حيث سيتمكن التجار والشركات من استخدام الطرق البرية عبر السعودية و«إسرائيل»، مما يؤدي إلى انخفاض عدد السفن العابرة.

  2. تأثير على الإيرادات: قناة السويس تحقق إيرادات كبيرة من رسوم العبور للسفن التي تعبر عبر الممر. إذا تراجع عدد السفن العابرة بسبب وجود طرق أسرع عبر البر، فإن ذلك قد ينعكس سلبًا على إيرادات مصر، مما يؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد المصري.

الآثار السلبية على دخل مصر

قناة السويس تمثل جزءًا كبيرًا من الإيرادات القومية لمصر، حيث تُعد مصدرًا رئيسيًا للعملات الأجنبية. إذا بدأت الشركات التجارية في الاعتماد على الطرق البرية عبر السعودية و«إسرائيل»، فإن ذلك سيؤدي إلى انخفاض حركة النقل عبر القناة، وبالتالي:

  • انخفاض الإيرادات من رسوم العبور: إيرادات قناة السويس تتأثر بشكل مباشر بحركة السفن، وإذا تراجع عدد السفن العابرة، فإن ذلك سيؤدي إلى تراجع الإيرادات.

  • تأثير على النشاط اللوجستي والتجارة: قناة السويس ليست مجرد ممر مائي، بل تعتبر أيضًا مركزًا لوجستيًا رئيسيًا يساهم في تنشيط التجارة بين الشرق الأوسط وأوروبا. أي تراجع في حركة التجارة عبر القناة قد يؤثر على القطاع اللوجستي في مصر.

موقف قناة السويس: هل يمكنها التحدي؟

قناة السويس تمثل حجر الزاوية في الاقتصاد المصري، ومع أن المشروع الجديد يطرح تهديدًا محتملاً، فإن هناك عدة عوامل قد تمكّن القناة من التحدي:

  1. تكلفة النقل البحري الأقل: رغم أن الطرق البرية ستكون أسرع، إلا أن تكلفة النقل البحري عبر قناة السويس تظل أقل بشكل كبير مقارنة بالنقل البري، ما يجعل قناة السويس خيارًا مفضلاً بالنسبة للعديد من الشركات.

  2. موقع استراتيجي فريد: قناة السويس تربط بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، مما يجعلها في موقع استراتيجي مميز لا يمكن للممر البرّي منافسته تمامًا، خاصة بالنسبة للسفن الكبيرة.

  3. توسع البنية التحتية في القناة: مصر تستثمر في تحديث وتطوير قناة السويس، مثل مشروع التفريعة الجديدة، التي تهدف إلى تسريع حركة السفن وتقليل زمن الانتظار. هذه المشاريع قد تساعد في تقليل تأثير أي منافسة من الطرق البرية.

  4. التكامل بين النقل البحري والبرّي: يمكن لمصر استثمار هذا المشروع لصالحها من خلال تطوير محطات لوجستية على طول قناة السويس تعمل على تكامل حركة البضائع بين النقل البحري والبري. هذا سيسهم في تعزيز دور القناة كحلقة وصل بين وسائل النقل المختلفة.

التحديات والفرص

التحديات:

  • تراجع حركة السفن: إذا زاد الاعتماد على الممر البري، قد يؤدي ذلك إلى انخفاض حركة السفن في قناة السويس.

  • التأثير البيئي: يتطلب المشروع دراسة دقيقة للأثر البيئي الناجم عن تطوير طرق النقل البرية.

الفرص:

  • التكامل مع الممر الجديد: من الممكن أن تصبح قناة السويس نقطة ربط بحرية بين النقل البرّي والبحري، مما يسهم في تعزيز حركة التجارة.

  • تعزيز دور مصر كمركز لوجستي عالمي: إذا تم تحسين البنية التحتية في القناة، يمكن لمصر أن تلعب دورًا أكبر كمركز لوجستي يربط بين البحر والبر.

خاتمة

بينما يشكل مشروع تطوير ممر النقل بين آسيا وأوروبا عبر السعودية و«إسرائيل» تحديًا كبيرًا لقناة السويس، فإن هذه الأخيرة تظل تحتفظ بموقع استراتيجي وقوة كبيرة في قطاع النقل البحري. ستواجه مصر تحديات من انخفاض الإيرادات الناتجة عن رسوم العبور، لكن بفضل استثماراتها في تحديث وتطوير البنية التحتية لقناة السويس، فإن هناك فرصًا كبيرة لاستمرار دورها البارز في التجارة العالمية. في النهاية، يمكن لمصر أن تستفيد من التكامل بين الممر البرّي والممر البحري لتعزيز موقعها كمركز لوجستي عالمي، مما يساهم في استدامة اقتصادها الوطني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى