
نفحات وتجليات رمضانية
الوفاء الخير العفو الصحبة الأمانة
بقلم د/ علوي القاضي
في عهد عمر بن الخطاب جاء ثلاثة أشخاص ممسكين بشاب ، وقالوا يا أمير المؤمنين نريد منك أن تقتص لنا من هذا الرجل ، فقد قتل والدنا ، قال عمر بن الخطاب : لماذا قتلته ؟! ، قال الرجل : إني راعى إبل وماعز ، وأحد جمالي أكل شجرة من أرض أبوهم ، فضربه أبوهم بحجر فمات ، فامسكت نفس الحجر وضربت أبوهم به فمات ، قال عمر بن الخطاب : إذا سأقيم عليك الحد ، قال الرجل : أمهلني ثلاثة أيام فقد مات أبي ، وترك لي كنزاً أنا وأخي الصغير ، فإذا قتلتني ضاع الكنز وضاع أخي من بعدي ، فقال عمر بن الخطاب : ومن يضمنك ؟! ، فنظر الرجل في وجوه الناس فقال : هذا الرجل ، فقال عمر بن الخطاب : يا أبا ذر هل تضمن هذا الرجل ؟! ، فقال أبو ذر : نعم يا أمير المؤمنين ، فقال عمر بن الخطاب : إنك لا تعرفه وإن هرب أقمت عليك الحد ، فقال أبو ذر : أنا أضمنه ياأمير المؤمنين
ورحل الرجل ، ومر اليوم الأول والثاني والثالث ، وكل الناس كانت قلقلة على أبي ذر ، حتى لايقام عليه الحد ، وقبل صلاة المغرب بقليل جاء الرجل ، وهو يلهث ، وقد أشتد عليه التعب والإرهاق ، ووقف بين يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، قال الرجل : لقد سلمت الكنز وأخي لأخواله ، وأنا تحت يدك لتقيم علي الحد ، فاستغرب عمر بن الخطاب وقال : ما الذي أرجعك ؟! كان من الممكن أن تهرب ؟! ، فقال الرجل : خشيت أن يقال لقد ذهب (الوفاء) بالعهد من الناس ، فسأل عمر بن الخطاب أبو ذر : لماذا ضمنته ؟! ، فقال أبو ذر : خشيت أن يقال ، لقد ذهب (الخير) من الناس ، فتأثر أولاد القتيل ، فقالوا : لقد عفونا عنه ، فقال عمر بن الخطاب : لماذا ؟! ، فقالوا نخشى أن يقال لقد ذهب (العفو) من الناس
… يحكى أن رجلاً من الصالحين كان يوصي عماله في المحل بأن يكشفوا للناس عن عيوب بضاعته إن وجدت ، وذات يوم جاء يهودي فإشترى ثوباً معيباً ولم يكن صاحب المحل موجوداً ، فقال العامل : هذا يهودي لايهمنا أن نطلعه على العيب ، ثم حضر صاحب المحل فسأله عن الثوب فقال العامل : بعته لليهودي بثلاثة آلاف درهم ، ولم أطلعه على عيبه ، فقال : أين هو ؟! فقال العامل : لقد رجع مع القافلة ، فأخذ الرجل المال معه ثم تبع القافلة حتى أدركها بعد ثلاثة أيام ، وقال لليهودي : ياهذا ، لقد إشتريت ثوب كذا وكذا وبه عيب ، فخذ دراهمك وهات الثوب ، فقال اليهودي : ماحملك على هذا ؟! فقال الرجل : الإسلام ، إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : من غشنا فليس منا ، فقال اليهودي : والدراهم التي دفعتها لكم مزيفه ، فخذ بها ثلاثة آلاف صحيحة ، وأزيدك أكثر من هذا ، أشهد أن لاإله إلا الله وأن محمداً رسول الله
يقول عمر بن الخطاب : (كونوا دعاة إلى الله وأنتم صامتون) ، قالوا كيف ذلك ؟! قال : بأخلاقكم
سأل (موسى) عليه السلام ربه (سبعة) طلبات دفعة واحدة ، (رب اشرح لي صدرى ، ويسر لي امري ، واحلل عقدة من لساني ، يفقهوا قولي ، واجعل لي وزيرا من أهلي ، هارون أخي ، أشدد به أزرى ، وأشركه في أمري)
ثم ذكر المقصد من هذه الطلبات (كي نسبحك كثيراً ونذكرك كثيراً) ، فطلب موسى كان عوناً على الذكر ، ولم يطلب عوناً ضد فرعون ، فذكر الله يحتاج إلى صحبة ، تعيننا على الحق وتعيدنا إلى الإستقامة
فما أجمل الصحبة في الله ، وكانت النتيجة أن أجاب الله طلبات موسى دفعة واحدة ، فقال:
(قد أوتيت سؤلك ياموسى)
سبحانك ربي ما أعظمك
وكل عام وحضراتكم بخير.