
“الهروب من الجذور”
بقلم: مي عزت موسى
في مساء يوم من الأيام كنتُ أتصفح أحد مواقع التواصل الاجتماعي، ولفت نظري رؤيتي أحد الفيديوهات التي يظهر فيها بعض رجال الشرطة، وهم يحتجزون بعض الشباب أثناء العبور من الحدود بطريقة غير شرعية، ومن هنا تبدأ القصة..
في قلب الريف المصري، حيث تمتد الحقول الخضراء بلا نهاية، وحيث تعبق الأرض برائحة الطين الممزوج بالعرق، هناك قصة تتكرر كل يوم.. شباب يرحلون وأرض تظل تنتظر .
العمل في الزراعة لم يعد حلماً، بل أصبح عبئاً في نظر الكثيرين، الأيدي التي كانت بالأمس تمسك بالفأس، صارت اليوم تُمسك بأوراق السفر أو تلهث وراء فرص في مدينة أخرى لا تمنحهم سوى التعب.
تركوا الحقول للآ باء الشيوخ وانطلقوا خلف وهم الحياة الأفضل” غير مدركين أن الأرض التي تركوها هي الأصل، هي التراث الباقِ الذي سيظل يناديهم مهما ابتعدوا.
ولكن ما يشغل ذهني هو هل المشكلة في الشباب؟ أم في واقع لم يعطيهم سبباً للبقاء؟! نعم، الأرض قاسية و العائد ضعيف والمستقبل مجهول المعالم في الريف، الشمس تحرق الأجساد، ولكن في المدينة الغربة.. “الغربة تحرق القلوب”.
بين الرحيل والبقاء، تظل الحقيقية واحدة، ليس العيب في الأرض، بل في مَن لم يطورها.. ربما الرحيل ليس الحل، ربما الحل في العودة، ولكن بفكر جديد ورؤية مشرقة تكمن في الإيمان بتحويل اللاشيء إلى كنز ثمين “الحقول الخضراء حلماً، وليس مجرد ذكرى باهتة..