مقال

عندما رفض الناس هدي رب السماء

جريدة الأضواء المصرية

عندما رفض الناس هدي رب السماء
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله المتفرد بالعظمة والجلال، المتفضل على خلقه بجزيل النوال، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وهو الكبير المتعال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الداعي إلى الحق، والمنقذ بإذن ربه من الضلال، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه خير صحب وآل، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل، ثم أما بعد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير عن رحلة الإسراء والمعراج، ومع مطلع السنة العاشرة للبعثة بلغ الكرب والهم برسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغه، فمكة تضيق بدعوته وقريش تتابعه لكي تخرجه من أرضه وأهله وعشيرته وأهل الطائف يغرون به السفهاء ويستهزئ به الكبراء، فتدمى عقباه الشريفتان ويزيد من إيلامه أن الناس يرفضون هدي رب السماء.

فيخرج صلى الله عليه وسلم مهموما على وجهه ولم يستفق إلا بقرن الثعالب، وما عساه أن يجد بمكة وعمه الذي كان يحميه ويدافع عنه مات وزوجته الرؤوم خديجة رضي الله عنها التي كانت تواسيه وتسليه ماتت ففقد بفقدهما الحماية والمؤانسة والقوم في طغيانهم يعمهون، وهذه سنة الله الربانية تمضي على الأنبياء ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين تبدأ المحن ثم تشتد حتى يعلم الله الصادقين من الكاذبين ثم تكون العاقبة للمتقين جعلنا الله تعالى منهم، وذكر بعض القصص المشهورة في موضوع رحلة الإسراء والمعراج، فمنها ما يذكرون من أن النبي المصطفي صلي الله عليه وسلم لما أسري به ليلة المعراج إلى السموات العلى، ووصل إلى العرش المعلى، أراد خلع نعليه، أخذا من قوله تعالى لنبي الله موسى عليه السلام حين كلمه ” فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى”

فنودي من العلي الأعلى يا محمد، لا تخلع نعليك، فإن العرش يتشرف بقدومك متنعلا، ويفتخر على غيره متبركا، فصعد النبي صلي الله عليه وسلم إلى العرش، وفي قدميه النعلان، وحصل له بذلك عز وشأن، وقد ذكر هذه القصة جمع من أصحاب المدائح الشعرية، وأدرجها بعضهم في تأليف السنية، وأكثر وعاظ زماننا يذكرونها مطولة ومختصرة في مجالسهم الوعظية، وقد نص أحمد المقري المالكي في كتابه فتح المتعال في مدح خير النعال، والعلامة رضي الدين القزويني، ومحمد بن عبد الباقي الزرقاني في شرح المواهب اللدنية على أن هذه القصة موضوعة بتمامها قبح الله واضعها ولم يثبت في رواية من روايات المعراج النبوي مع كثرة طرقها أن النبي كان عند ذلك متنعلا، ولا ثبت أنه رقى على العرش، وأن وصل إلى مقام دنا من ربه فتدلى “فكان قاب قوسين أو أدنى”

فأوحى ربه إليه ما أوحى، ولقد رأي رسولنا المصطفي صلي الله عليه وسلم في هذه الرحلة السماوية العظيمة آكلو لحوم البشر، وجاءت تلك المرئية تجسد جزاء آكلي لحوم البشر، وهو ذكر الإنسان بما يكره، وهي قضية وقف الإسلام منها موقفا حاسما حيث لا يقبل اغتياب الإنسان أخاه، وعد ذلك أكل لحم الأخ ميتا كما قال تعالى في سورة الحجرات ” أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخية ميتا فكرهتموه ” فاللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، عباد الله أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى