أخبار الجامعات

“من قلب جامعة المنصورة: انطلاق منصة تدريب قانوني ثورية تُعيد تشكيل مستقبل المهنة بقيادة مؤسسة شادي الشافعي وشركاه

جريدة الأضواء المصرية

“من قلب جامعة المنصورة: انطلاق منصة تدريب قانوني ثورية تُعيد تشكيل مستقبل المهنة بقيادة مؤسسة شادي الشافعي وشركاه”

 الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر 

في مشهد استثنائي قلّ نظيره، وضمن رؤية استراتيجية تُجسّد فلسفة العبور من التنظير إلى التطبيق، ومن التحصيل الجامد إلى التمكين العملي، أعلنت مؤسسة “شادي الشافعي وشركاه” للمحاماة والاستشارات القانونية، بالشراكة الأكاديمية مع كلية الحقوق – جامعة المنصورة، عن الإطلاق الرسمي لأحدث أقسامها التدريبية، في خطوة نوعية تهدف إلى بناء جيل قانوني جديد، لا يكتفي بفهم النصوص بل يتقن صناعة الوقائع، ولا يركن إلى التاريخ بل يشارك في كتابته، ولا ينتظر التغيير بل يكون وقوده وأداته ومساره، فهنا، بين جدران أعرق كليات القانون في مصر، يبدأ فصل جديد من فصول العبور نحو عدالة أكثر شمولًا، ومهنة قانونية أكثر احترافًا، وتكوين معرفي أكثر صدقًا وعمقًا وتجددًا.

لقد جاء هذا القسم ليكون أكثر من مجرد منصة، وأكثر من تجربة عابرة، وأكثر من برنامج تدريبي روتيني، بل هو مختبر قانوني مفتوح على كافة المدارس الفكرية، ومنصة تفاعلية تُزاوج بين النظرية الأكاديمية الصلبة التي تُزرع داخل مدرجات كلية الحقوق بجامعة المنصورة، وبين الممارسة الميدانية الحية التي تخوضها المؤسسة منذ سنوات في محاكم الدولة، وغرف التفاوض، ودهاليز الملفات المعقّدة، حيث لا مكان للمعلومة المجردة، بل للموقف، وللحُجّة، وللصوت الذي يصنع الفرق، وللذهن الذي يُقرأ به النص القانوني كوثيقة حيّة نابضة، لا ككلمات محنطة في كتاب، ولا كأحكام صمّاء على ورق أصفر.

وفي ظل ما يشهده الحقل القانوني من تحولات متسارعة، وأمام التحديات الضخمة التي تُواجه خرّيجي كليات الحقوق، لم يعد يكفي أن يتخرّج الطالب وقد حاز على شهادة، بل لا بد أن يحمل معها قدرة تحليلية، وخبرة عملية، ومرونة ذهنية، وتفكير إبداعي، وإيمان راسخ بدوره في صياغة الواقع، لا في الانسياق له، ولهذا جاءت مؤسسة “شادي الشافعي وشركاه” لتضع حجر أساس هذا المشروع النوعي من قلب كلية الحقوق – جامعة المنصورة، وبالتحديد من حيث تتقاطع قيم الأصالة مع ديناميكية التحديث، ومن حيث يبدأ التكوين الحقيقي لا بالتلقين، بل بالتجريب، لا بالنسخ، بل بالابتكار، لا بالاكتفاء، بل بالطموح الذي لا سقف له.

فهذا القسم الذي تم إطلاقه ليس مجرد مساحة لتكرار النظريات أو إعادة تدوير المحاضرات، بل هو ورشة تفكير حي، يلتقي فيها الطلاب مع أساتذة كبار، ومستشارين متخصصين، وقضاة مخضرمين، ومحامين يمتلكون خبرات عشرات السنوات، في حوارات مفتوحة، ومحاكمات صورية، وملفات واقعية يتم تفكيكها وإعادة بنائها، وجلسات تفاوض تُدرَّس كما تُمارَس، ومهارات تُزرَع بالكلمة، وتُنمَّى بالموقف، وتُختبَر بالمحاكاة، وتُترجَم إلى ثقة في النفس، واستعداد لخوض غمار الواقع العملي بأدوات عصرية، وبمعرفة راسخة، وبأخلاق رفيعة لا تنفصل عن العدالة ولا تنحني أمام المغريات.

وهذا القسم لا ينحصر في طلاب البكالوريوس وحدهم، بل تمتد برامجه لتشمل المحامين الجدد، وخريجي الجامعات، وحتى العاملين في المؤسسات القانونية الكبرى، سواء العامة أو الخاصة، بل وتم تخصيص مسارات تدريبية موجّهة خصيصًا للمرأة القانونية، إيمانًا من المؤسسة أن تمكين المرأة في الساحة القانونية ليس ترفًا ولا شعارًا، بل واجب مهني وأخلاقي وتاريخي، لا يقل أهمية عن أي بند من بنود الدستور أو أي مادة من مواد القانون، لأن العدالة لا تكتمل حين يُستبعد نصف المجتمع من تمثيلها أو الدفاع عنها أو المشاركة في صياغة قواعدها، وهذا ما يعكسه البرنامج التدريبي من تنوّع في مضمونه، ومرونة في هيكله، وشمولية في رؤيته، حيث تتوزّع المحاور بين: فنون الترافع، تقنيات الصياغة، مهارات التحليل، أخلاقيات المهنة، القوانين الاقتصادية، العدالة الرقمية، الذكاء الاصطناعي في الممارسة القانونية، وإدارة الأزمات القانونية الحديثة، لتكون الحصيلة النهائية قانونيًا مكتمل العُدّة، حاضر الذهن، مؤمن برسالته، وقادر على ترجمة معرفته إلى أثر ملموس في ساحات العدالة والمجتمع.

ولا بد هنا من التوقف عند رمزية المكان، فأن يُقام هذا القسم داخل كلية الحقوق – جامعة المنصورة، فذلك يحمل دلالة عميقة، إذ إن هذه الكلية العريقة التي خرّجت أجيالًا من القضاة والمحامين والأكاديميين، لم تكن يومًا منغَلِقة على نفسها، بل كانت دائمًا جسرًا مفتوحًا بين النظرية والممارسة، بين الماضي والحاضر، بين الإطار الأكاديمي النقي، وبين نبض الشارع ومشاكل الناس، وها هي اليوم تؤكّد عبر هذا المشروع الجريء، أنها مستعدة لأن تدخل عصرًا جديدًا من التكوين القانوني، حيث يصبح الطالب شريكًا في المعرفة لا مجرد متلقٍ، ويصبح التدريب فعلًا من أفعال الإنصاف لا مجرد مرحلة عابرة نحو سوق العمل.

إن ما تقوم به مؤسسة “شادي الشافعي وشركاه” في هذا السياق ليس عملاً تدريبياً فحسب، بل هو إعلان صريح عن رغبتها في صناعة فارق حقيقي في المهنة، وإعادة تعريف وظيفة المحامي بوصفه ليس مُجرّد مترافع، بل باحث ومُصلح وصانع سياسات، وصوت ضمير حين تغيب العدالة، ورافعة وعي حين تنهار القيم، وقائد رأي حين تتشابك المفاهيم، ولهذا فإن هذا القسم ليس بابًا يُفتح، بل أفقًا يُمدّد، وطريقًا يُعبّد، وزمنًا جديدًا يُكتَب بأيدٍ تعرف القانون، وتفهم العدالة، وتتنفّس المهنة كقضية إنسانية لا كمصدر دخل فقط.

وبين هذا الحشد من العقول الواعدة، والقلوب المتحمسة، والتجارب المتراكمة، يتشكل مشهدٌ فريد، حيث تلتقي الرغبة في التعلم بالإرادة في التغيير، وحيث تتلاقى المسيرة الأكاديمية بالممارسة الحيّة، وحيث تصير المعرفة أداة تحرير لا أداة تقييد، ويصير القانون لغة بناء لا أداة هدم، ويصير التعليم القانوني مساحة لإعادة اكتشاف الإنسان، قبل أن يكون وسيلة لفهم النصوص أو تحصيل الدرجات، وهنا، في كلية الحقوق – جامعة المنصورة، تبدأ الحكاية، ويُكتب المشهد، وتُخطّ أولى فصول التحوّل الذي لا يقبل العودة، ولا يرضى بالقليل، ولا يعترف بالمستحيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى