
إحذروا من إرتياد البدع أو إستحسانها
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 11 يناير 2025
الحمد لله بلطفه تنكشف الشدائد وبصدق التوكل عليه يندفع كيد كل كائد، ويتقى شر كل حاسد، أحمده سبحانه وأشكره على جميع العوائد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له في كل شيء آية تدل على أنه الأحد الواحد، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، جاء بالحق، وأقام الحجة على كل معاند صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه السادة الأماجد والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد لقد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن شهر رجب المحرم، ويكثر في هذا الشهر تناقل بعض الأحاديث المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهي لم تثبت عنه صلى الله عليه وسلم، وينبغي للمسلم ألا ينشر حديثا حتى يتأكد من ثبوته وصحته، فمن ذلك على سبيل المثال، هو حديث قيل، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا دخل رجب قال.
” اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان ” فهذا حديث ضعيف، وأيضا حديث ” رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي” وهذا ضعيف أيضا، أخرجه الأصبهاني في الترغيب، وأيضا حديث فضل شهر رجب على سائر الشهور كفضل القرآن على سائر الأذكار، وهذا حديث موضوع كما نبه عليه ابن حجر في تبيين العجب بما ورد في شهر رجب، فإحذروا من إرتياد البدع أو إستحسانها، والتزموا كتاب الله وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم، ففيهما الكفاية والنجاة، وإسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون، وإن في شهر رجب تتشوق نفوس المؤمنين لشهر رمضان وتهب عليهم نسائمه ويستشعرون قربه، قال أبو بكر الوراق شهر رجب شهر الزرع، وشعبان شهر السقي للزرع، ورمضان شهر حصاد الزرع، وجدير بمن سود صحيفته بالذنوب أن يبيضها بالتوبة في هذا الشهر.
وبمن ضيع عمره في البطالة أن يغتنم فيه ما بقي من العمر، ولقد فضل الله تعالى بعض الأيام والليالي والشهور على بعض، حسبما إقتضته حكمته البالغة وذلك ليجد العباد في وجوه البر، وأعمال الخير، ويكثروا فيهن من الأعمال الصالحة، التي تقربهم من ربهم، وترفع درجاتهم، وتكفر سيئاتهم، ومن هذه المواسم التي فضلها الله تعالى الأشهر الحرم، والتي سميت بذلك بسبب تحريم القتال فيها، إلا أن يبادر العدو إليه، كما أن انتهاك المحارم في هذه الأشهر أشد من غيرها من شهور السنة، لذلك نهانا الله تعالى عن الظلم، وإرتكاب المعاصي في هذه الأشهر، فقال الله تعالى ” فلا تظلموا فيهن أنفسكم ” فالواجب على المسلم أن يعرف قدر هذه الأشهر الحرم، وذلك لأن معرفتها وتعظيمها وهكذا فلقد شرع الله تعالى منذ الأزل الأشهر كلها وإستثنى منها أربعة أشهر حرم فيها القتال والتعدي على الآخرين.
فقال تعالى ” إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم” وهذه الأربعة هي على التوالي هى ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، ثم يأتي الشهر الرابع منفصلا وهو رجب الفذ، أي الفرد، وإن رجب في اللغة من الترجيب، وهو التعظيم، فقد كانوا في الجاهلية يعظمونه ويحرمون فيه القتال، ويعيرون بعضهم بعضا إن أغارت قبيلة بالقتال على أخرى في شهر رجب، وهكذا ظل وسيظل إلى يوم القيامة، تعظيما لشعائر الله تعالى “ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب”.