مقالمنوعات

مفتاح الفهم و مرايا المعرفة.. المفهوم في الخطاب التربوي

جريدة الأضواء المصرية

مفتاح الفهم و مرايا المعرفة.. المفهوم في الخطاب التربوي

كتبت سامية الشرايبي 

 

نقلاً عن الدكتور كمال الحجام من سلسلة مفتاح الفهم ومرايا المعرفة أود أن ألقي الضوء على هذه المقالة الرائعة والتي تحوز اهتماماً كبيراً خاصة التربويين.. حيث قال:

 

 

تمثل المسألة التربوية بالنسبة الى المهتمين بالشأن التربوي فضاءً فكريا خصبا يسمح بالتداول المعرفي الحر والنزيه والمتاح للجميع، فهو ليس حكرا على فئة دون أخرى وهو ممكن فكري لكل الدارسين إذ يسمح ببناء كل التأويلات الفكرية التي يتم تناولها بمنهجية. 

       

 ولا يعني هذا ان التفكير في الوقائع التربوية قد تفضي دوما إلى معرفة مقننة، بقدر ما يكسب الدارس من موقعه مهارة الولوج إلى المعاني المخفية المؤسسة للتربية.

 

 إن هذه الجرأة الفكرية في مجال تربوي خصب تساهم في تعزيز ثراء المسألة التربوية التي بطبيعتها لا تقبل الرأي الواحد ولا الفكرة الأمثل ولا التوصيات النابعة من سياقات خارجة عن واقعها.

 

وفي هذا الطرح للمسأل التربوية، يكون التفاعل المنهجي هو الضامن لسلامة الأفكار. والصواب، الذي هو أكثر الأشياء توزعا بالعدل بين الناس، يعطي لكل مربي إمكانيات التفكير والتأويل والتأليف شريطة الالتزام المنهجي القائم في تقديري عل المفاهيم وحسن توظيفها ومدى ترابطها وتفاعلها بما يسمح للمتعاطي مع المسألة التربوية مجالا أرحب ومساحة فكرية اوسع لرسم افكاره التي تنبع من واقعه المعيش.

 

إن هذا الطرح في تناول المسألة التربوية يحرر الفاعلين التربوين، ويمنحهم ثقة العارف والباني للمعرفة ويفتح امامهم إمكانيات الفهم والتحليل والتغيير.

 

 وبهذا المعنى يمنح التطرق إلى المسألة التربوية من زاوية المفاهيم المؤسسة لها معنى، ويكسب المتطلع لتحليلها سلاسة فكرية وموضوعية معرفية تيسر له الانتقال الفكري وتبني له الجسور المعرفية التي تخول له المرور ببن الجوانب الخفية. 

 

 ويقودنا هذا إلى أن نتوقف عند تعريف المفاهيم في التربية، لمزيد تعميق فهمها وإثبات دورها في التفكير التربوي، ثم نحاول الاستدلال على ذلك بضبط احد المفاهيم الهامة التحويل التربوي نموذجا.

 

 المفهوم في المجال التربوي هو فكرة مجردة تمثل الخصائص الأساسية للوقائع التربوية، فالمفهوم في التربية ينشأ عادة في إطار التجريد الفكري للظاهرة التربوية المركبة والمعقدة، أو لنقل هو النتيجة الفكرية التي تحصل بعد التفكير في الظاهرة.

 

 وهو يعكس التحولات التي قد تطرأ على الأفكار القائمة حول الظاهرة إذ هو تعبير ذهني عن ظاهرة ملاحظة قائمة في لواقع كما يمكن ان تكون قائمة في الذهن، إن المفهوم في المجال التربوي يطرح ضمنييا طبيعة الاشالكيات وسبل معالجتها المحتملة.

 

المفهوم في علوم التربية له معنى وظلالة فكرية، فهو مفتاح الفهم ومرايا المعرفة، وله دور محوري في عملية بناء المعرفة.

 

 ان المفهوم يطرح العناصر الفكرية المهمة حول الظاهرة المدروسة، وهي عناصر مختلفة ومتنوعة ومترابطة تعكس تركيب الواقع وتعقيده وتطور إدراكه. وبهذا المعنى يؤثر المفهوم على البنية المعرفية للدارس ويحمي في السياق الفكري الذي تطرح فيه الحلول.

 

   وببناء على ان المفهوم في التربية يمثل مفتاح المعرفة، يجدر بنا التوقف عند كيفية ضبطه وتعريفه وقواعد توظيفه، ومنهجية استثماره في بناء المعنى. فالمفهوم:

 

– يحدد اشكاليات التفكير فؤ الظاهرة المطروحة و يصنفها.

 

– يطرح المسألة في وضعيتها الراهنة وفي سياقها المخصوص وما آلت إليه.

 

– يساعد على بناء الموقف ممن الزاهرة المدروسة و يخول التوسع في اثرائها.

 

– يبني جسورا فكرية تعطي معنى ودلالات رممزية للسياق ككل.

 

 – يبعد عن إصدار الاحكام والوقوع في الرفض المطلق أو القبول المطلق، بل يضع الدارس للمسالة التربوية في مجمل البنيان المعرفي – والثقافي – والفكري- الذي تتنزل فيه الظاهرة المدروسة فيقدر ععلى تبني الحلول أو رفضها، أو التحفظ عليها أو على جوانب منها.

 

وتتويجا لهذا الطرح المنهجي في تناول القضايا التربوية أعرض على سببل الذكر لا الحصر احد المفاهيم المتداولة بكثرة في يومنا هذا، التحويل التربوي. 

 

إن التفكير التربوي العاني اليوم منشغلا بتطوير النظم التربوية وهو يدرس التربية كمحول استراتيجي للواقع ومساهم فاعل في تحقيق اهداف التنمية المستدامة. وفي هذا السياق الفكري والثقافي لم بعد مفهوم الاصلاح التربوي يلبي الطموح الانساني.

 

 هذا المفهوم الذي تأكد للدارسين انه اشتغل في كل التجارب الدولية على النتيجة والصورة النهائية للرؤية المستشرفة، للتربية،، وهو ما عسر تخقيب النتائج المؤملة على أرض الواقع. 

 

وتفاعلا مع المتطلبات المعاصرة، ارتأى المنسغلون بالمجال التربوي التفكير لمنطق مفهوم التحوي وهو مغهوم بحيل الدارس الى الاشتغال على الآليات الضامنة للتغيير المنتظم في الزمن. فهو يشير الى الرؤية وخططها المستقبلية وآلياتها المنهجية وفق السياقات التاريخية والفكرية والثقافية.

 

 التحويل التربوي، مفهوم ذكي يستهدف تطوير الذكاء التحويلي. وفي هذا الإطار يعرف التحويل بأنه تطوير ذكي بموجبه تتم المواءمة الداخلية بين مكونات المنظومة والمواءمة الافقية بين المنظومة والسياق التاريخي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي المحيط بها لبناء مصالحة جديدة تتضمن مستلزمات التحويل.

 

 فإذا كان الاتساق الداخلي يتم في إطار هندسة تربوية من اهل الاختصاص، فإن الانسجام الأفقي بين المنظومات المجتمعية يبنى في آطار هندسة مجتمعية تنكلق اولا من ارادات واضحة وقوية وترسم في خيارات معلنة ومشتركة. 

 

  وبهذا يكون التحويل التربوي جزءا أصيلا ومؤسسا من عملية التحويل الشامل للمجتمع. ويضمن بذلك المرور المرن من العمل بمنهجية المحافظة على الثوابت المألوفة للمجتمع والتي لم تعد قادرة على تقديم الحلول نظرا للتطورات السريعة في السياقات المحيطة، الى منهجية العمل على بناء الفرد- المواطن – الحامل لمشروع شخصي- المؤمن بدوره في المشروع المجتمعي.

 

 فالتحويل التربوي بهذا المعنى هو عمليّة تفكير في جميع فرضياتنا المألوفة والموروثة عن العالم وعن ذواتنا مرورا بقبول إخضاعها للتأمل والتفكير وأخذ المسافة الكافية منها، وذلك بهدف بناء حلول بديلة من الفرضيات الأكثر ملاءمة لعصرنا.

 

 

 ويعني هذا في مستوى مكونات المنظومة أن نقبل بوعي وبرغبة وقدرة الانتقال من مجرد تدريس المحتوى المعرفي لحد ذاته إلى التركيز على التعلم المتميز، الذي يسمح بتطوير الدافعية لدى المتعلمين ليكونوا افرادا مواطنين مستقلين و مبادرين

و متصالحين مع ذويهم ومع محيطهم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى