في هذا الزمن… لم يعد البعض بحاجة إلى مسيرةٍ ليقود، يكفي أن يكون بلا ماضٍ… حتى لا يحاسبه أحد، يكفي أن يكون منسجمًا مع الفراغ… حتى يملأه بشعاراته، ويكفيه – بوست دعم – و- صورتين في جنازة -، حتى يظن نفسه مشروع نائب!
ترى، من الذي أوحى للبعض أن الترشح حَقٌّ مفتوحٌ كالمولد؟
يدخله من يريد، ويأخذ منه من يلعب أكثر؟
وهل أصبحت القيادة هي باب التعويض لمن فاته قطار الحياة، أو فشلت محاولاته في مجالاتٍ أخرى؟
أم أن بعضنا يرى في الكرسي ما لا يراه في المرآة؟
فيقرر أن يقتحم المشهد لا ليُضيف، بل ليُزيح!
ملامح الشخصية – المرشحة بلا ملامح -.
هو الذي لم يكن يومًا عنصرًا في نقاش مجتمعي، لم يُدعَ لمائدة عصف ذهني، لم يشارك في لجنة، لم يحلّ مشكلة مياه، ولا حضر لقاء شباب…
ومع ذلك… ها هو ينزل بأحلامٍ فوق مقاس الواقع،
وبكلمات محفوظة من فيديوهات تحفيزية عن التنمية البشرية.
– أنا حاسس إني أقدر أغيّر -.
تُغيّر ماذا؟ وأنت لم تغيّر حتى رقم هاتفك منذ ٢٠١١؟
-أنا عايز أخدم الناس -.
وهل كنت تخدمهم في الخفاء مثل أولياء الله الصالحين؟
أم أنك لم تجد لنفسك لافتة، فقررت أن تصنع واحدة على نفقة الغير؟
عنصر نسائي على طريقة – سبوت لايت -.
ثم تظهر هي…
بكامل الثقة، وبكلماتٍ مشحونة بالنيّة الطيبة.
لكن النية وحدها لا تصنع نائبة! أحياناً تسبب (النائبة)
تقول: – جاء الوقت لأثبت أن المرأة قوية -.
ونحن نقول: بل المرأة كانت دائمًا قوية، لكن الفرق بين القوية والمؤهلة…
كالفرق بين الحضور والجدارة.
إنّ من بين المرشحات من ظنّت أن البرلمان هو مسابقة ملكة جمال الشارع العام، توزع ابتسامات على العجائز، وتُسلم على البسطاء وهي لا تحفظ أسماءهم، وتقنع نفسها أن التصوير جوار حائط مدرسة أو داخل (كاردون) مركز شباب كافٍ لتمثيل دائرة فيها ٧٥ قرية، و ما يقرب من نصف مليون ناخب!
وهناك من تخلط بين – إثبات الذات – و-إثبات التواجد -، فتجعل من الانتخابات صالة تمرين شخصي، تدخله فقط لتقول: – أنا أقدر -، دون أن تسأل نفسها:
هل الدائرة تحتمل مغامرتي؟
هل الوطن وقت تجاربي؟
وهل الناخبون فئران معمل نفسي؟!
حيلة التسلل… من ثغرة اللامعيار.
كل هؤلاء لا يأتون من فراغ… بل من ثغرة.
ثغرة في وعي المجتمع…
ثغرة في اشتراطات الترشح…
ثغرة في ضعف المحاسبة،
وفي خجلنا من أن نقول للمهرّج.
كفى… هذا المسرح حقيقي وليس مسرح عرائس!
في زمنٍ يُقاس فيه السياسي بعدد اللايكات، والمرشح بعدد الصور،
تحوّل المقعد من مهمة ثقيلة إلى مغنمٍ خفيف، وتحولت الرغبة في الإنجاز إلى مجرد شهوة في الوجود البصري.
فمن لم يُصنع له حضور… صنع لنفسه بوسترًا!
ومن لم يُرشّحه الناس في حديثهم… رشّح نفسه بالقوة.
ما أردت قوله……..
إلى كل من وجد نفسه – مش لاقي نفسه – فقرر أن يُرشّحها…
نقول، ليست صناديق الاقتراع هي أقرب طرق المصالحة مع الذات، ولا الكرسي بديلًا عن أريكة التحليل النفسي.
وإلى كل من ترى أن تمثيل المرأة يعني مجرد خوض الانتخابات…
نقول، التمثيل الحقيقي لا يعلو بالصوت… بل يعلو بالوعي، ولا يقاس بعدد الصور في المبادرات… بل بعدد الملفات التي قُرئت وفُهمت.
وإلى المجتمع كله نقول،
لا تخشَ أن تسأل.
من أنت؟
ولماذا تترشح؟
فمن خجلنا من هذا السؤال… تجرّأ علينا المجهول!
يا سادة…
القيادة لا تُمنح لمن يبحث عن نفسه، بل لمن وجدها… فوهبها للناس.
دمتم و دا
مت مصر آمنة بشعبها و قائدها العظيم و جيشها الباسل و رجال أمنها الاوفياء.