إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد أيها الآباء والأمهات نناشدكم أشد المناشدة بالإهتمام بتربية أولادكم، وإبذلوا كل ما تستطيعون لأجل ذلك، فلو لم يأتكم من تربيتهم إلا أن تكفوا شرهم، وتبرأ ذممكم لكفى، واعلموا أن زينة الحياة الدنيا وعدة الزمان بعد الله سبحانه وتعالي هم شباب الإسلام وشباب الأمة والناشئون في طاعة ربهم، فلا تكاد تعرف لهم نزوة أو يعهد منهم صبوة، يتسابقون في ميادين الصالحات، أولئك لهم الحياة الطيبة في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة.
يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله سبحانه، كما جاء في الحديث الشريف ” سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله” وذكر رسول الله صلي الله عليه وسلم منهم ” وشاب نشأ في طاعة الله” وإن العناية بالنشء مسلك الأخيار وطريق الأبرار، ولا تفسد الأمم إلا حين يفسد أجيالها الناشئة، ولا ينال منها الأعداء إلا حين ينالون من شبابها وصغارها، لهذا كانت مرحلة الطفولة من أخطر المراحل، ولقد كان السلف الصالح يعنون بأبنائهم منذ نعومة أظفارهم، يعلمونهم وينشئونهم على الخير، ويبعدونهم عن الشر، ويختارون لهم المعلمين الصالحين والمربين والحكماء والأتقياء، وكان محمد صلى الله عليه وسلم هو القدوة في هذا الباب، فقد راعى الأطفال واهتم بأمرهم، فلم يكن يتضجر ولا يغضب منهم.
فإن أخطؤوا دلهم من غير تعنيف، وإن أصابوا دعا لهم، وروى الإمام أحمد في مسنده أن أبا هريرة رضي الله عنه قال كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء، فإذا سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وثب الحسن والحسين على ظهره، فإذا رفع رأسه أخذهما من خلفه أخذا رفيقا ووضعهما على الأرض، فإذا عاد إلى السجود عادا إلى ظهره حتى قضى صلاته، ثم أقعد أحدهما على فخذيه، يقول أبو هريرة رضي الله عنه فقمت إليه، فقلت يا رسول الله، أردهما؟ فبرقت برقة في السماء، فقال لهما “الحقا بأمكما” فمكث ضوؤها حتى دخلا، وعن أم خالد رضي الله عنها قالت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي وأنا صغيرة، وعلي قميص أصفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “سنه سنه” أي حسن حسن.
قالت فذهبت ألعب بخاتم النبوة على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فزبرني أبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي” فعمرت أم خالد بعد ذلك” رواه البخاري، ولما جاءت أم قيس بنت محصن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبن لها صغير لم يأكل الطعام، فحمله رسول الله صلى الله عليه وسلم فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه عليه ولم يغسله، وتقول أم الفضل رضي الله عنها بال الحسين بن علي رضي الله عنهما في حجر النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت يا رسول الله، أعطني ثوبك والبس ثوبا غيره حتى أغسله، فقال صلى الله عليه وسلم “إنما ينضج من بول الذكر، ويغسل من بول الأنثى” رواه البخاري ومسلم.