مقال

حرمة مال المسلمين عامة

حرمة مال المسلمين عامة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 29 نوفمبر 2024
الحمد لله حمد الشاكرين وأثني عليه سبحانه ثناء المنيبين الذاكرين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وقيوم السموات والأرضيين، وخالق الخلق أجمعين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله وأمينه على وحيه ومبلغ الناس شرعه وصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد إن حرمة مال المسلمين عامة وهي ما تعرف اليوم بمال الدولة أو المال العام، وأن هناك فئة من الناس لبس عليهم عدوهم إبليس وظنوا أنه من حقهم أن يستخدموا المال العام في أمورهم الخاصة أو أن يأخذوا من هذا المال، فانظروا إلي هذا الرجل الذي أدى مال المسلمين كاملا وأخذ ما أهدي إليه فغضب من فعله ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف بمن أخذ من مال المسلمين.

وقولوا لكل من أخذ هدية بسبب منصبه ووجاهته انظر إلى حالك بعد يوم واحد من التقاعد كيف يكون حالك ترى الذي أهداك بالأمس لا يكاد يلقي عليك السلام، فهل كانت هديته لمحبة أم لأمر أخر ؟ فليعتبر من هم اليوم في مناصب ووجاهات بمن سبق قبل أن يعتبر بهم من بعدهم، وقولوا لمن يقبل الهدايا أو الرشاوى في علمه وهو يظن أن لم يره أحد ؟ قولوا له إن لم يراك البشر فإن رب البشر يراك، وإن لم تتب من عملك المشين ذلك فستفضح على رؤوس الخلائق من لدن آدم عليه السلام إلى آخر ما خلق الديان فمن أخذ ظرفا فيه مبلغ من المال أتى به يحمله على عنقه ومن أخذ سيارة يأتي بها على عنقه، ومن أخذ أرضا يأتي بها على عنقه وهكذا فمستقل ومستكثر وقد يقول قائل ما بال هذا الشيخ يشدد على عباد الله وقد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون الهدية ؟

فيا معاشر المتقين إن الأمر جد خطير وليس مما يتهاون فيه، وأتدرون ما الغلول؟ وما مصيبة الغلول؟ فإن الغلول ولو لشيء يسير قد يذهب بالحسنات العظام بل حتى بالجهاد في سبيل الله تعالي، فقولوا لمن يستخدم الأموال العامة في قضاء مصالحه الخاصة اتقي الله فإنه لا يجوز لك، فهناك طائفة من الموظفين إذا أراد أن يتكلم في الهاتف لغرضه الخاص ويكون الإتصال على هاتف فإنه يضع هاتفه جانبا ويستخدم هاتف العمل الذي هو فيه حتى يحمل التكلفة على المصلحة ولا يتحملها هو، ومنهم من يستخدم السيارة التي أعطيت له من قبل العمل لقضاء مصالح العمل في قضاء مصالحه الخاصة، أو يستخدم موظفا يأخذ راتبه من قبل جهة العمل لقضاء حاجاته الخاصة فيستخدم سائق المصلحة على سبيل المثال في توصيل الأولاد إلى المدارس والعودة بهم.

أو في شراء إحتياجات البيت من السوق، أو في تسديد الفواتير وهكذا، فأقول له هذا موظف يأخذ مرتبه من مال المسلمين أو من المؤسسة التي يعمل بها لا لخدمتك خاصة وإنما لخدمة المصلحة عامة فبأي حق حولت خدماته لك بشكل خاص؟ وهل هذا هو ردك لجميل من وثق بك وبأمانتك ووضعك في هذا المكان ؟ وأقول له إستمع لتطبيق السلف لمبدأ الورع عن المال العام فهذا عمر بن عبد العزيز جاءه أحد الولاة وأخذ يحدثه عن أمور المسلمين وكان الوقت ليلا وكانوا يستضيئون بشمعة بينهما، فلما إنتهى الوالي من الحديث عن أمور المسلمين وبدأ يسأل عمر عن أحواله قال له عمر إنتظر فأطفأ الشمعة وقال له الآن اسأل ما بدا لك فتعجب الوالي وقال يا أمير المؤمنين لما أطفأت الشمعة ؟

فقال عمر كنت تسألني عن أحوال المسلمين وكنت أستضيء بنورهم، وأما الآن فتسألني عن حالي فكيف أخبرك عنه على ضوء من مال المسلمين، وقيل جاءوا له بزكاة المسك فوضع يده على أنفه حتى لا يشتم رائحته ورعا عن المال العام، فقالوا يا أمير المؤمنين إنما هي رائحة فقال وهل يستفاد منه إلا برائحته، الله أكبر فأين من نظر للمال العام بأنه غنيمة باردة فأخذ ينهب منها بغير حساب من مثل هذه القدوات والقصص في هذا المجال كثيرة ولنرجع لسيرة أبي بكر وعمر وغيرهما لنجد فيها الكثير الكثير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى