مقال

رسول الله وعمه العباس في طريق الفتح

جريدة الأضواء المصرية

رسول الله وعمه العباس في طريق الفتح
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 22 أكتوبر 2024
الحمد لله الذي اكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة وجعل امتنا وله الحمد خير أمه وبعث فينا رسولا منا يتلو علينا آياته ويزكينا وعلمنا الكتاب والحكمة وأشهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له شهادة تكون لمن اعتصم بها خير عصمة وأشهد أن محمد عبدة ورسوله أرسله للعالمين رحمة وخصه بجوامع الكلم فربما جمع أشتات الحكم والعلم في كلمة أو شطر كلمة صلى الله علية وعلى أله وأصحابه صلاه تكون لنا نورا من كل ظلمة وسلم تسليما، فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل واتقوا يوما الوقوف فيه طويل والحساب فيه ثقيل ثم أما بعد في رحلة الفتح الأعظم وهو فتح مكه، لقي النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم في الطريق إلى مكة عمه وابن عمه وابن عمته مسلمين لله عز وجل، فقد لقيه في الطريق عمه العباس بأهله وعياله مهاجرا مسلما لله تعالي.

ففرح النبي صلى الله عليه وسلم بعمه العباس فرحا شديدا، ولقيه ابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم وهو يختلف عن أبي سفيان صخر بن حرب زعيم قريش وقائدهم في غزوة أحد والخندق، ولقيه ابن عمته عبد الله بن أبي أمية، فأعرض عنهما النبي عليه الصلاة والسلام لشدة ما لقي منهما من الأذى، ومرير ولاذع الهجاء في مكة المكرمة، فقالت أم سلمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله لا يكن ابن عمك وابن عمتك أشقى الناس بك، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعرض عنهما، فذهب أبو سفيان بن الحارث إلى علي بن أبي طالب وإستشاره ماذا يفعل؟ والله ما جاء إلا مسلما ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عنه، قال له يا أبا سفيان اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل وجهه، من بين يديه،

وقل له ما قال إخوة يوسف ليوسف ” تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين ” فإن رسول الله لا يقبل أن يكون أحد أحسن منه قولا، وأخذ أبو سفيان النصيحة الغالية من علي رضي الله عنه، وانطلق مسرعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه من قبل وجهه، وقال تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين، فنظر إليه النبي قائلا ” لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين” ووصل النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم بجيشه الجرار إلى مشارف مكة المكرمة في وقت العشاء، فلما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى مشارف مكة أعاد تنظيم صفوف الجيش، وأمر الجيش أن يوقدوا النيران فأشعلت عشرة آلاف نار على مشارف مكة ونظم النبي صلى الله عليه وسلم الصفوف مرة أخرى، فأمر خالد بن الوليد أن يدخل إلى مكة من الجنوب.

وأمر الأنصار بقيادة سعد بن عبادة أن يدخلوا مكة من جهة الغرب، وأمر المهاجرين بقيادة أبي عبيدة بن الجراح أن يدخلوا مكة من جهة الشمال، وحدد لهم ملتقى عند جبل هند قبل أن يدخلوا المسجد الحرام لتلتقي الجيوش جميعا مرة أخرى ليترأس القيادة من جديد سيد القادة محمد صلى الله عليه وسلم، وخرج العباس يركب بغلة النبي صلى الله عليه وسلم البيضاء، وذهب إلى مشارف وحدود مكة لعله يجد حطابا أو يجد رجلا يذهب إلى قريش ليخرجوا يستأمنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل عليهم مكة عنوة، فيقول العباس عم الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم فسمعت والله صوت أبي سفيان وبديل بن ورقاء يتراجعان ويتكلمان وهذا أبو سفيان بن حرب سيد مكة وزعيمهم في أحد والخندق، فيقول العباس سمعت أبا سفيان وبديل بن ورقاء يتراجعان.

ويقول أبو سفيان والله ما رأيت نيرانا ولا عسكرا قط مثل هذه أبدا، فيرد عليه صاحبه بديل بن ورقاء ويقول له إنها قبيلة خزاعة التي إعتدينا عليها قبل ذلك، إنها خزاعة حمشتها الحرب، فيقول أبو سفيان لا والله إن خزاعة أذل وأقل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها، إنه رجل حرب ورجل ميدان، فيقول العباس فعرفت صوت أبي سفيان فقلت أبا سفيان، فعرف أبو سفيان صوت العباس فقال أبا الفضل، فقال العباس نعم، فقال له العباس هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجيش، فقال أبو سفيان فما العمل فداك أبي وأمي؟ قال والله لو أدركك رسول الله صلى الله عليه وسلم ليضربن عنقك، فإركب معي لأستأمن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فركب أبو سفيان بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف العباس، وأسلم أبو سفيان في اليوم التالي

ولكن العباس يعرف نفسية أبي سفيان، فقال يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “نعم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل بيته وأغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن” والحديث صحيح، وفي رواية مسلم “ومن ألقى سلاحه فهو آمن”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى