الصديق الصالح مرآة صادقة لصديقه بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الأربعاء الموافق 16 أكتوبر 2024 الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، ثم أما بعد إن من حق الصديق علي صديقه هو التخفيف وترك التكلف، فينبغي على الصديق أن يكون خفيفا على صديقه، فلا يكلفه ما يشق عليه القيام به، وقال الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ” شر الأصدقاء من تكلف لك، ومن أحوجك إلى مداراة، وألجأك إلى اعتذار” فقيل أنه كان جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنهما يقول “أثقل إخواني عليّ من يتكلف، وأتحفظ منه، وأخفهم على قلبي من أكون معه كما أكون وحدي”
ومن تمام هذا الأمر هو أن يرى الصديق الفضل لإخوانه عليه، لا لنفسه عليهم، وأن ينزل نفسه مع إخوانه منزلة الخادم، واعلموا أن الصديق الصالح مرآة صادقة لصديقه، فالصديق الصالح هو الذي يعطيك صورة حقيقية عن نفسك، وبدون مجاملة، وهو الذي يبصّرك بعيوبك لتتجنبها في حياتك الدنيا، وقد روى أبو داود عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن، يكف عليه ضيعته، ويحوطه من ورائه” وقال شمس الحق العظيم آبادي قوله صلى الله عليه وسلم ” المؤمن مرآة المؤمن” أي آلة لإراءة محاسن أخيه ومعائبه، لكن بينه وبينه فإن النصيحة في الملأ فضيحة، وأيضا هو يرى من أخيه ما لا يراه من نفسه، كما يرسم في المرآة ما هو مختف عن صاحبه فيراه فيها.
أي إنما يعلم الشخص عيب نفسه بإعلام أخيه، كما يعلم خلل وجهه بالنظر في المرآة، وقال الحسن البصري رحمه الله “المؤمن مرآة أخيه، إن رأى فيه ما لا يعجبه سدده وقوّمه، وحاطه وحفظه في السر والعلانية، إن لك من خليلك نصيبا، وإن لك نصيبا من ذكر من أحببت، فثقوا بالأصحاب والإخوان والمجالس” وإنه لا شيء ينمّي السلوك الإجتماعي لدى الطفل أكثر من أن يكون له صديق، ولحسن الحظ أن الصداقة شيء سهل الحدوث بالنسبة للأطفال، فمعظمهم يكون له نفس الهدف في الحياة، كل ما في الأمر أن يجد طفلا آخر يلعب معه بدلا من أن يلعب كل منهما على حدة وبدون شجار، إذن سيكون لديه الصديق الذي يقوم والداه بدعوته إلى البيت، وزيارة بيته بإنتظام، وإن الطفل يحتاج إلى صديق واحد جيد على الأقل.
فإذا كانت هناك مشكلة بسبب عدم المشاركة في المدرسة أو في المنزل، فهذا الصديق سيمثل له المنفذ والمعلم له لذلك فإننا نسأل طفلنا من هو صديقه أو أصدقاؤه المفضلون؟ ثم ندعو كل واحد منهم على انفراد حتى نرى أن العلاقة قد أصبحت قوية مع أي منهم، وهنا ندعو هذا الطفل ثانية لنجعلهم يقضون فترة أطول مع بعضهم البعض، يذهبان إلى الحديقة مثلا، وإذا كان الصديق في نفس الفصل الدراسي فسيكون لديهم الكثير ليفعلاه معا، وتكون هذه هي بداية تكوين صداقات أخرى، ويجب على الآباء أن يكون لهم وظيفة فعالة هنا فلا بد أن يعرفوا من المدرس أو الطفل من هم أكثر الزملاء قربا من طفلهم، ثم يقوموا بدعوة هذا الطفل وتقوية علاقتهما معا، والمرور عليه عند الذهاب إلى المدرسة، فإن ذلك سيعود على الطفل بالمنفعة، خاصة إذا إنتقل إلى فصل أو مدرسة أخرى، أو إلى مسكن آخر.