
الدكروري يكتب عن علامات النفاق ودلائله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى، وأسعد وأشقى، وأضل بحكمته وهدى، ومنع وأعطى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الأعلى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى، والرسول المجتبى، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى، ثم أما بعد لقد ابتلى الله سبحانه وتعالى عباده فجعل لهم أناسا على طريق الخير يدلونهم إليه وأناسا على طريق الشر يؤزونهم إليه ومن بين الفئات التي تقف على طريق الشر فئة تنامى خطرها، وتتابع ضررها، فئة آذت رسول الله صلى الله عليه وسلم وآلمته، فحذرنا منها صلى الله عليه وسلم وخشي على أمته تأثيرها على أبنائها، ولقد ظهرت تلك الفئة في المدينة على عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم فتكاثر عددها وتناسل أبنائها وأمتد نسلهم لا كثرهم الله إلى زماننا هذا.
فرأينا أحفادهم في زماننا لا يختلفون في مظهرهم عنا وهذا مكمن المصيبة فهم وللأسف من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا وينتسبون لديننا وينتمون لأوطاننا، فهل عرفتم عباد الله تلك الفئة الفاسدة من بيننا ؟ إنها فئة المنافقين والمنافقات، واعلموا يرحمكم الله إن النفاق داء عضال ومرض خطر يهدد المجتمعات ويزعزع كيانها متى ما تفشى فيها وانتشر بين أفرادها وهو أنواع عديدة منها نفاق العقيدة ونفاق العبادة ونفاق المعاملة، ولما كان هذا الوباء له خطره العظيم وعواقبه الأليمة كان عليّ أن أوجه هذه الرسالة إلى من كان في قلبه مرض من النفاق طمعا في بيان الحق وإبطال الباطل لعل الله أن ينفع بها فأقول مستعينا بالله وحده، فيا من طبع الله تعالي على قلبه فهو لا يفقه ولا يعي، إياك ولمز المطّوعين من المؤمنين الصالحين.
وأحذر من الخوض في أعراضهم والتعرض لهم بلسانك الذي لا هم له إلا النيل نهم في المجالس وتشويه صورهم والإستهزاء بهم، فإن من علامات النفاق النيل من الصالحين وتتبعهم بالسخرية في كل مكان، والحذر الحذر من ممارسة هذا الفعل الشنيع بحجة المزاح والتسلية، ويا من يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف ويحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، أما تخاف عقوبة الله سبحانه وتخشى عذابه؟ ويا من يرى المنكرات فلا ينكرها ولا يتمعر وجهه غضبا لحرمات الله سبحانه فإياك وهذا السلوك المشين والفعل القبيح الذي هو دليل على النفاق وعلامة على حب الفاحشة والحرص على إشاعتها بين أبناء المجتمع والعياذ بالله، ويا من لا يريد بعمله وجه الله سبحانه ولا الدار الآخرة.
إياك والتخلف عن صلاة الجماعة والتأخر عن أدائها في المساجد فقد ورد في الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قوله ” ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها، أي صلاة الجماعة، إلا منافق معلوم النفاق ” رواه مسلم، لأن التخلف عن صلاة الجماعة في المسجد مع جماعة المسلمين من غير عذر شرعي ذنب عظيم يدل على مرض في القلب ومؤشر على مخالفة الجماعة وعدم الامتثال لأوامر الشرع العظيم وهدي النبوة الكريم، ويا من جعل الله جل جلاله أهون الناظرين إليه حين يستخفي من الناس ويخلو بمحارم الله ليبارز العزيز الجبار بالذنب ويحاربه بالمعصية ، فأحذر من غضب الجبار سبحانه وانجو بنفسك من النار، ويا من يقوم إلى الصلاة وغيرها من العبادات ببرود وخمول وكسل.
فلا يتدبرها ولا يعيها ولا يبتغي بها وجه الله سبحانه، اعلم أنك تقوم إليها مراءاة وسمعة ونفاقا، لا طاعة وامتثالا، فإياك والكسل أو التراخي عن أداء العبادات والتباطؤ في عمل الطاعات لأن ذلك كله من علامات النفاق ودلائله لاسيما متى كان وقت تلك العبادات وقتاَ للراحة ولذت النوم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أثقل الصلاة على المنافقين” متفق عليه، فاحذر من هذه الصفة الذميمة والسلوك السيئ وعليك بالمسارعة إلى الطاعات والحرص على إتيانها بهمة عالية ونشاط مستمر وحيوية دائمة دون كسل أو ملل أو تباطؤ، ويا من إذا قيل له لا تفسد في الأرض قال إنما أنا من المصلحين، لا تكذب في الحديث فإنه من أعظم علامات النفاق العملي ومركز دائرته التي لا يقوم إلا عليها.