مقال

الدكروري يكتب عن عيد مصرى قديم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن عيد مصرى قديم
بقلم / محمـــد الدكـــروري

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم اما بعد لقد ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن أصل الإحتفال بشم النسيم، ويجمع المؤرخون على أن يوم شم النسيم عيد مصرى قديم، وإنه يوم مصرى الهوية، تنبع مصريته من إرتباطه العريق بالتقويم المصرى الذي هو إنجاز مصرى صرف، واذا كان المصرى القديم والحديث كذلك يحتفل بأعياد الحصاد، فإن إحتفاله بعيد الربيع من أقدم الاحتفالات، وإنه البرزخ الذي يفصل بين مناخين مختلفين، ليس درجة الحرارة فحسب، بل في إزدهار النبات واخضرار الشجر وانتعاش العاطفة، ولكن منذ متى بدأ المصريون يحتفلون بيوم شم النسيم؟ ولماذا ارتبطت مائدته بالأطعمة الحريفة كالفسيخ والبصل والبيض والخس والملانة؟ ولماذا رفض المصرى البسيط أن يقول عيد الربيع؟ ولماذا ظل يقول شم النسيم؟

وكيف نقل اليهود عن المصريين عيد شم النسيم؟ ولماذا يقع شم النسيم دائما يوم الاثنين؟ وهو أن عيد شم النسيم عيد قومى مصرى، وليس عيدا دينيا، بل عيدا من أعياد الطبيعة وشم النسيم يسمى في اللغة الهيروغليفية باسم شمو، وهى تسمية تطلق على أحد فصول السنة المصرية القديمة وتعنى فصل الحصاد، وبمرور الزمن تغير هذا الاسم من شمو إلى شم وخاصة في العصر القبطى، ثم أضيفت إليه كلمة النسيم فأصبح شم النسيم وهو الإحتفال بمجىء فصل الحصاد، لذلك اعتبر المصرى القديم ذلك اليوم رأسا للسنة المدنية وحدد ميعاده بالإنقلاب الربيعى، وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل بالنهار وقت حلول الشمس في برج الحمل، وكانوا يحددون ذلك اليوم والإحتفال بإعلانه في ليلة الرؤية عند الهرم الأكبر، وعندما يقسم ضوء الشمس وظلالها واجهة الهرم إلى شطرين.

وهو لغز الهرم الأكبر وهنا يتبين مدى إرتباط هذا العيد بمعنى الشمس المشرقة من تلك النقطة المنفردة على أفق وهى نقطة الاعتدال، وبعد لحظة الرؤية يعود الناس من الهرم إلى منازلهم ويقومون بالإستعداد لتجهيزأدوات لعبهم وموائدهم للخروج قبل شروق الشمس يرتلون في الليلة دعواتهم وأمانيهم ويبدأ الناس يخرجون جماعات إلى الحدائق والحقول والمتنزهات ليكونوا في استقبال الشمس عند شروقها وتقام حفلات وتجرى مباريات رياضية وحفلات تمثيلية، وكانت صفحة النيل تمتلئ بالقوارب التي تزينها الزهور وأغصان الأشجار المثمرة منقوشا عليها كلمات الترحيب والتهنئة بعيد الحصاد شمو، وقد اختلف المؤرخون في معرفة متى بدأت مصر الإحتفال بهذا العيد فيرى أغلب الباحثين أن الاحتفال بدأ رسميا اعتبارا من عام ألفان وسبعمائة قبل الميلاد.

أي مع نهاية الأسرة الثالثة وبداية الأسرة الرابعة، وإن كان معروفا قبل ذلك، وأنه انتقل إلى حضارات العالم القديم عن طريق مصر، ومن المفارقات، أن عيد شم النسيم اجتمع عليه المصريون على اختلاف معتقداتهم، فهو يصادف عيد القيامة لدى المسيحيين المصريين، وله علاقة قديمة بعيد الفصح اليهودي، ولا يزال يحتفل به الجميع في مصر حتى يومنا هذا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى